العنف المنزلي ضد الرجال: عندما ندرك زيف نمطية المجتمع
5 د
دائماً ما نسمع عن قصص العنف المنزلي ضد النساء، لكن لا يمكن أن نغفل موضوع العنف المنزلي ضد الرجل. على الرغم من عدم شيوع التطرق إلى هذا الموضوع؛ وخاصةً في المجتمعات العربية.
لنبدأ أولاً بتعريف العنف المنزلي، أو ما يدعى أحياناً بعنف الشريك الحميم. لأنّه يعبر عن أعمال العنف بين الأشخاص التي تربطهم علاقة أو كانوا على سابقاً على علاقة. لا يقتصر العنف المنزلي على الأذى الجسدي وحسب، بل يشمل الأذى النفسي والجنسي والتهديدات والإساءات اللفظية.
أنواع العنف والإساءة ضد الرجل
تختلف أشكال العنف المنزلي من حالة إلى أخرى. وفي دراسة أُجريت مؤخراً في الهند، وُجِد أنّ العنف المنزلي غالباً ما يتسم بكونه أذى عاطفياً بالدرجة الأولى، وجسدي بالدرجة الثانية. وفي معظم الأحيان يتم التكتم على حوادث العنف المنزلي ضد الرجال، خوفاً من الرجل على صورته في محيطه العائلي وفي المجتمع. ولا تحظى هذه الحوادث بالاهتمام المطلوب، إلا عندما يكون الرجل الضحية، هو أحد المشاهير.
هنالك العديد من التصرفات والانتهاكات التي يُنظَر لها على أنّها أفعال عادية وطبيعية، إلّا أنّها في حقيقة الأمر تمثّل مجموعة من الانتهاكات ضد الرجل التي قد تُنذِر بالأسوأ على المدى البعيد. ونذكر من هذه الانتهاكات ما هو آتٍ.
العنف الجسدي
يتضمن العنف الجسدي، الصفع والضرب من قبل الزوجة أو أحد أفراد عائلتها، بالإضافة إلى رميه ببعض الأشياء التي من شأنها أن تسبب له الأذى. تُشير الدراسة أنه في الهند يعتبر صفع الزوج هو الأكثر شيوعاً من بين باقي الاعتداءات بنسبة 98.3%، وأقلّها هو استخدام السلاح بنسبة 3.3%. كما أنّ عُشر الحالات المسجلة فقط يمكن اعتبارها شديدة.
العنف النفسي
ابتداءً من استخدام الشتائم والألفاظ، والتدخل في علاقاته مع عائلته وأصدقائه، وطريقة إنفاقه للمال، وانتهاءً بتهديده بفضح أمور شخصية قد تكون محرجة له أمام الآخرين. قد تظهر الإساءة على شكل تهديدات مستمرة له في ظل ادعاءات كاذبة بالعنف المنزلي الموجه تجاه الزوجة. في الهند 85% من الحالات التي تمّ الإبلاغ عنها كانت لرجال تعرضوا للانتقادات اللاذعة، و29.7% منهم تعرضوا للإهانة أمام الآخرين كأفراد العائلة أو الأصدقاء وأحياناً أمام الغرباء. بالإضافة إلى محاولة إيذاء النفس كوسيلة للضغط على الرجل لتحقيق متطلباتها، أو كوسيلة لمعاقبته.
العنف الجنسي
على الرغم من ندرة الحديث عن العنف الجنسي تجاه الرجل إلّا أنّها ظاهرة موجودة، غالباً ما تحدث عندما ينكر الزوج ممارسة الجنس. وحوالي 2% من الرجال في الهند تعرضوا للعنف الجنسي في المنزل.
الإبلاغ عن حالات العنف ضد الرجال
لا يمكننا الحصول على أرقام حقيقية عن الحالات العنف المنزلي ضد الرجال، لأنه وفي عدد كبير منها لا يتم تسجيلها وتوثيقها. ويعود ذلك للصورة النمطية لكل من الرجل والمرأة، ونظرة الضعف التي سوف يواجهها الرجل في المجتمع لكونه معنَّفاً من قبل زوجته. ولذلك على الرغم من أنّ بعض الدراسات تتوقع أنّ العنف المنزلي ضد الرجل والمرأة يتم بشكل شبه متساوٍ، إلّا أنّ الحالات المسجلة تكون من قبل الإناث بفارقٍ هائل.
إنّ الكثير من الرجال يفضلون عدم الإبلاغ عن حالات الإساءة تجاههم، خاصة بوجود الأطفال الذين قد يتعرضوا للأذى بطريقةٍ أو بأخرى. بالإضافة إلى الشعور السائد في المجتمع بأنّ المرأة هي الضحية والرجل هو الجاني في حالات العنف المنزلي؛ ما يمنع الكثير من الرجال من الإبلاغ عمّا يواجهون من إساءة.
غالباً ما تُقابَل حالات الإساءة ضد الرجل بالضحك والاستخفاف. سنشاهد في التجربة الاجتماعية المصورة ردة فعل العامة عند مشاهدة رجل يُعنَّف من قبل شريكته في الشارع. تم العمل على هذا الفيديو من قبل مؤسسة خيرية بريطانية تُدعى Mankind Initiative تُعنى بدعم الذكور ضحايا العنف المنزلي.
إحصائيات هامة حول العنف المنزلي ضد الرجال
وفقاً للإحصائيات فإنّ 13.6% من الرجال بين عمر 16 و74 قد تعرضوا لأحد حوادث العنف المنزلي في إنكلترا وويلز.
خلال العامين 2018-2019 واجه 0.6% من الرجال المطاردة من قبل الشريكة الحالية أو السابقة، و1% من الرجال كانوا ضحايا للعنف الجسدي، في حين كان %0.5 من الرجال في إنكلترا وويلز قد تم الاعتداء عليهم جنسياً.
من الملاحظ أنّ الرجال ذوي الاحتياجات الخاصة يقعون ضحية العنف المنزلي والإساءة من قبل الشريك أكثر من الآخرين. إذ أنّ نسبة 4.3% من الرجال ذوي الاحتياجات الخاصة أو الإصابات طويلة الأمد تعرضوا للإساءة من قبل الشريك مقارنةً بنظرائهم ممن لا يعانون أي إصابة، وذلك في إنكلترا وويلز.
والسؤال هنا، لماذا يُبقي الرجل على علاقة مسممة؟
- القلق بشأن الأطفال ومستقبلهم والخوف من عدم القدرة على رؤية أطفالهم مرة أخرى من ناحية، وعدم الرغبة بجعل أطفالهم يعيشون بعيداً عن أمهاتهم من ناحية أخرى.
- التهديدات التي قد تطلقها الزوجة أو الشريكة بأنها قد تقتل نفسها أو الخوف من أنّها قد تتجرأ على قتله في بعض الحالات.
- الإحراج الناجم عن فضح طبيعة العلاقة بزوجته أو شريكته والإساءة التي ينالها.
- حب شريكتهم والاعتقاد بأنها قد تتغير مع الوقت.
- الوضع المادي وعدم وجود مكان للذهاب إليه.
الأبعاد الاجتماعية والنفسية ضد الرجال
أي إساءة جسدية أو لفظية أو نفسية وغيرها هي انتهاك واضح لحقوق الإنسان الأساسية، قد يؤدي لاحقاً لنتائج وخيمة كالاكتئاب، والانتحار أيضاً في الحالات القصوى. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، إنّ تعرّض الرجل للعنف من شأنه أن يؤدي يزيد من احتمالية إدمان الكحول والتدخين، وكذلك تعاطي المخدرات في بعض الحالات. بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان. ومن جهة أخرى، هذه الحوادث تؤدي إلى التفكك الأسري، والتأثير سلباً على حياة الأطفال، وتزايد نسبة العنف في المجتمع بشكلٍ عام.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.