🎞️ Netflix

عقدة إليكترا: في الميثولوجيا غارت من أمها فقتلتها، فكيف تناولتها ألوان الفنون الأخرى؟

عقدة إليكترا
هبة الجندي
هبة الجندي

6 د

يحاول علم النفس أن يسلط الضوء على السلوك البشري على الدوام، بحيث يضع تفسيراتٍ وتبريراتٍ منطقية لكل فعل أو قول يصدر عن الإنسان في بيئته ومجتمعه، ولطالما ارتبط علم النفس بالكثير من العلوم الأخرى، وتأثر بالعادات والتقاليد والقصص والحكايا القديمة وخاصةً الأساطير اليونانية التي تبرع في إظهار العقد النفسية مثل عقدة إليكترا على سبيل المثال، التي سنتحدث عنها باستفاضة من نواحٍ عدة في هذا المقال.


تعريف عقدة إليكترا

تُعرف عقدة إليكترا على أنها مفهوم تحليلي نفسي يُستخدم لوصف شعور الفتاة بالغيرة من والدتها تجاه والدها، وذلك لتعلقها وشدة ارتباطها به، ولقد كان العالِم كارل يونغ هو أول من صاغ المصطلح عام 1913م، على الرغم من أن سيجموند فرويد كتب فيه الكثير من الأطروحات والأبحاث، وطوّر أفكارًا سيكولوجية عديدة حوله، أهمها قوله بأن الفتاة تكون متعلقة بوالدتها بشكل كبير في المرحلة الأولى من طفولتها، ثم حين يبدأ التغير والنمو لأعضائها التناسلية فتكتشف الاختلاف بينها والذكور عمومًا (أنها لا تمتلك قضيبًا)، ووالدها على وجه التحديد، تبدأ بمضاعفة حبها وارتباطها به بينما ينمو لديها شعورٌ متوازٍ بالاستياء من والدتها والمنافسة الدائمة معها، فبنظرها والدتها هي المسؤولة عن اختلافها عن والدها وإخصائها، وفي مرحلة متأخرة من تلك العلاقة تسعى الفتاة لاستعادة علاقتها مع والدتها ولكن بعد النضج، وذلك بسبب حاجتها لعطفها وحنانها. وتعتبر عقدة إليكترا النسخة الأنثوية من عقدة أديب المعروفة عند الذكور.


عقدة إليكترا في الميثولوجيا

تتحدث الأسطورة والخرافة اليونانية عن إليكترا، وهي إبنة ملك إسبرطة أجاممنون، والتي أحبت والدها حبًا جمًا وصبت جام غضبها على والدتها الملكة كلتمنسترا، إذ أنها اتهمت والدتها بالاتفاق مع عشيقها إيجثسوس لقتل والدها الملك، وذلك انتقامًا منه لتقديم الإبنة الكبرى إيفيجينيا قربانًا للآلهة.

قامت إليكترا بتأليب شقيقها أوريستيس على والدتها وأقنعته بضرورة التخلص منها، فقام باللحاق بها إلى المقبرة وقتلها هناك، وتقول الأسطورة القديمة أن الأم لعنت ابنها قبل الموت، فعُثِرَ عليه في أحد معابد الكهنة والدماء تملأ جسده، بينما نجت إليكترا من القتل أو الاتهام، والجدير بالذكر أن هنالك العديد من الروايات المختلفة لأسطورة إليكترا، وبعضها متشابه بعض الشيء، لكن هذه الرواية هي الأكثر تداولًا وانتشارًا.


عقدة إليكترا في المسرح والأدب

وجد العديد من الأدباء في عقدة إليكترا مادةً دسمة لكتابة النصوص الأدبية، وذلك بتجسيد الملاحم اليونانية القديمة على خشبة المسرح، وفيما يلي أهم المسرحيات:


مسرحية إليكترا (Electra)


غلاف مسرحية (Electra)

وكتبها سوفكليس (Sophocles) بحيث تعكس الأسطورة اليونانية بنسختها الأصلية، إذ تتضمن الشخصيات السابقة الذكر (الأميرة إليكترا، والملكة كلتمنسترا، الملك أجاممنون .. الخ) بعد عودة الملك من حرب طروادة منتصرًا ليجد نفسه أمام معضلة جديدة لها تفرعات عديدة، منها خيانة زوجته، وعقدة ابنته الأولى، ومقتل ابنته الثانية.


مسرحية (Hamlet)


غلاف مسرحية (Hamlet)

رائعة شكسبير (William Shakespeare) المعروفة هاملت، والتي كان لعقدة أوديب نصيب الأسد منها، إلا أنها تناولت عقدة إليكترا من خلال قضية الإبنة أوفيليا والأب بولونيوس، فعلى الرغم من المشاعر والأحاسيس التي تشعر بها البطلة تجاه من تحب إلا أن الحب الفطري لوالدها ينمو بطريقة غريبة تقيدها وتسيطر عليها على نحو مختلف يتأجج مع فصول المسرحية.


مسرحية (Philosophy in the Bedroom)


غلاف مسرحية (Philosophy in the Bedroom)

للكاتب ماركيز دو ساد (Marquis de Sade)، وتجري أحداثها كافة في غرفة النوم حيث تتطور شخصية البطلة المراهقة ذات الخمسة عشر عامًا ويتطور معها حقدها الكبير نحو والدتها جراء ما صنعته بها، فتخطط للانتقام منها على نحو قاسٍ للغاية، فلقد تناولت المسرحية عقدة إليكترا بشكل سادي بحت.


عقدة إليكترا في الشعر

أظهر بعض الشعراء في قصائدهم التأثيرات الدقيقة للعلاقة الحساسة بين الأب وابنته، وعكست افتتانها به من زوايا متعددة، وتعتبر قصيدة (Daddy) للكاتبة سلفيا بلايث الأشهر على الإطلاق، إذ لم يقتصر الاهتمام بها على الأدباء والشعراء وحسب، بل وكذلك العلماء النفسيين أمثال فرويد ويونغ، وتلك هي كلماتها:


أنت لا تفعل شيئًا، لا تفعل
أتريد المزيد،حذاءٌ أسود
ذاك الذي عشتَ فيها كقدم
لمدة ثلاثين عامًا، الفقراء وبيض البشرة
بالكاد تجرآ على التنفس أو سواه 

أبي، لقد اضطررت لقتلك
لقد مِتَ قبل أن يتاح لي الوقت لكي …
رخام ثقيل 
تمثال فظيع بإصبع رمادي واحد
كبير مثل ختم فريسكو

ورأس في الأطلسي الغريب
حيث يسكب الفاصوليا الخضراء على الماء الأزرق
في المياه قبالة (نيست) الجميلة 
اعتدت أن أصلي من أجل شفائك 

ثلوج (تيرول) .. وخمر فيينا الصافية
ليست نقية جدًا أو حقيقية
مع (سلفي) الغجري وحظي الغريب
والحزمة الخاصة بي
قد أكون يهودية قليلًا.


عقدة إليكترا في السينما

وبالانتقال إلى الشاشة الكبيرة فإن السينما هي أسرع صور وصول المحتوى للجمهور، ذلك لأنها تنتشر على نطاق واسعٍ كالهشيم في النار، وفيما يلي نتناول أبرز الأعمال التي تناولت عقدة إليكترا:


فيلم (ELEKTRA)


الملصق الدعائي لفيلم (ELEKTRA)

من بطولة الممثلة جينيفر غاردنر (Jennifer Garner) والتي تعمل في منظمة عالمية كقاتلة مأجورة، تتلقى أجرًا سخيًا مقابل ذلك، وتعتبر إليكترا القاتلة المفضلة للمنظمة كونها تنفذ الأعمال المنوطة بها باحترافية عالية، إلى أن تُسند إليها مهمة اغتيال أب وابنته، فتراقبهما وتتقرب منهما دون علمهما، وعندما تشعر البطلة بتلك المشاعر النبيلة بين الاثنين تقرر أن تحميهما، والفيلم صدر عام 2005.

فيلم (Mourning Becomes Electra)


الملصق الدعائي لفيلم (Mourning Becomes Electra)

تطرح رائعة الكاتب يوجين أونيل (Eugene O’Neill) وجهة نظر مختلفة لعقدة إليكترا، إذ تدرس تدخل الظروف والتغيرات المحيطة بالبيئة على شكل العلاقة بين الأب والابنة، ففي حقبة تترأس فيها الرأسمالية هرم الاقتصاد؛ يجد رب الأسرة نفسه عاطلًا عن العمل ومضطرًا للعثور على ما يعينه والعائلة على صعوبات الحياة، وتتخذ القصة خطًا فنيًا معقدًا كلما اقتربت إلى الحبكة.


عقدة إليكترا في الموسيقى

ليس من المستغرب إذًا أن يبلغ الحديث عن عقدة إليكترا الموسيقى أيضًا، فلربما رددت من قبل مقاطع أغنية شهيرة دون أن تنتبه إلى ارتباطها بالأسطورة الشهيرة، ومن أشهر تلك الأغاني أغنية (Electra) المعروفة لفرقة الراب الدينماركية (group Syspect)، وهنالك أيضًا تراجيديا أليكترا (La Tragedie D’Oreste Et ELectre) لفرقة الروك البريطانية (Cranes)، والتي حملت اسم ألبوم كامل يتألف من سبعة أغانٍ أُطلقت في عام 1996، وتبدأ بالكلمات:


من أنت؟
غريب.
أهلًا وسهلا بك. كل ما هو غريب عن هذه المدينة عزيز علي. فما هو اسمك؟
اسمي (فيليبس) وأنا من كورينث.
آه؟ من كورنثوس؟ أنا اسمي إليكترا.
أنتِ جميلة .. أنتِ لا تشبه الناس هنا.
جميلة؟ هل أنت متأكد من أنني جميلة؟ جميلة مثل بنات كورنثوس؟

ذو صلة

الخلاصة

كانت شخصية إليكترا مصدر إلهام للكثير من المبدعين في مختلف المجالات من الأدب والموسيقى والشعر والسينما والتلفزيون وسواها، فقد تُستخدم للدلالة المباشرة على المشاعر المتناقضة لدى الابنة؛ من حبها الجارف لوالدها من جهة، وشعورها بالمنافسة والغيرة مع والدتها من جهة أخرى، أو لربما استُخدمت العقدة لإسقاطات خفية في النصوص بحيث تعكس إحساسًا غريبًا، يراه بعض العلماء استثنائيًا ومبالغًا فيه، بينما يراه آخرون فطريًا وطبيعيًا ما دام سينتهي للزوال بعد مرحلة عمرية معينة، ولقد سلط المقال الضوء على مجموعة من الأعمال التي تناولت العقدة مثل: مسرحية هاملت، وقصيدة أبي، وفيلم إليكترا، وأغنية (إليكترا)، وغيرها.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة