دليل شامل في اضطرابات الشخصية: من أنت وفقًا لهذه المعايير!

اضطرابات الشخصية
حسام سليمان
حسام سليمان

8 د

هل تعتقد أن لصديقك تصرفات غريبة وتشك أن هناك اضطراب ما في شخصيته؟ إذا كان الأمر كذلك، آتي به إلى هنا سنضعه أمام اختبار الشخصيات الذي جهّزته. ما عليك سوى أن تراقبه لفترة من الزمن وتسجِل كل شيء تلاحظه لكي نناقشه سويًا.

فالشخصية- إن كنت لا تعلم- قد تضطرب وتتظاهر بتصرفات وأحكام وأقوال الشخص، وهناك عدة اضطرابات معروفة ذات سمات مُحددة. نحن بالطبع لسنا جهة مخوَّلة لكي تشخص أمراض وتصف أدوية، وإنما المقال للتثقيف النفسي والاستئناس، فالطبيب فقط هو من يحق له أن يضع تشخيص لأي اضطرابٍ كان.

فلنبدأ أولًا بالحديث عن الشخصية، قبل الخوض باضطرابتها.

اقرأ أيضًا: قل وداعًا لدائرة التفكير المفرط وابدأ باتخاذ خطوات فعلية نحو الأهداف والأفكار الكبرى


الشخصية.. ما الذي تعنيه هذه الكلمة

قبل الخوض في تفاصيل اضطرابات الشخصية، سنضع تعريفًا بسيطًا للشخصية. كلمة الشخصية باللغة اللاتينية “persona” تعني القناع، وهو الذي كان يرتديه الناس بالحفلات لإخفاء وجوههم والظهور بالوجه الذي يرغبون به، لذا فبهذا القناع يتميز كل شخص عن الآخر، ويُعبِّر كلٍ منهم عما يجول بخاطره بشكل القناع الذي يضعونه. في الحقيقة التعريف قريب، فالشخصية هي الخصائص التي تميزك أنت عن غيرك وتعكس تصرفاتك وأفكارك ومشاعرك وثقافتك وقدراتك المعرفية.

تلك الخصائص التي تميزك، لا تختارها أنت وإنما تتكون عن طريق الوراثة وآليات الدفاع النفسية وتربية الأسرة والاختلاط بالمحيط. سنتطرق للنظرية التحليلية لفرويد حيث أنها ستساعدنا في شرح الشخصيات، وهي نظرية تتحدث بالتفصيل عن مراحل تطور الشخصية ومكوناتها ويمكن تلخيصها بأن الجهاز النفسي للشخصية يتكون من الأنا والأنا العليا والهو فما هي هذه المكونات؟

  • الـ هو (Id): موجود منذ الولادة ومسؤول عن الغرائز المختلفة من طعام وجنس وعدوانية ويطالب بشكل مستمر بتلبية احتياجاته فورًا ودون انتظار (فهو ما يدفع الطفل ليبكي طالباً الطعام عندما يجوع).
  • الأنا العليا (Superego): التي تعني الخطوط الحمر والموانع، تتشكل مع الوقت من تراكم ملاحظات الأبوين وعادات المجتمع والمطالب الدينية والأخلاقية.
  • الأنا (Ego): هي حصيلة توازن الـ هو والأنا العليا بحيث يتم تلبية الغرائز ولكن في الوقت المناسب وضمن الحدود المذكورة سابقاً، وهي ما تظهر للآخرين.

ولننهي الكلام عن الشخصية بحديثنا عن مراحل تكون الشخصية، فبحسب وجهة نظر فرويد فإن الشخصية تمر بخمس بمراحل تطورية، وهي:

  1. المرحلة الفموية: هي السنة الأولى من الحياة، كما يدل اسمها فالأهم هنا هو أن يحصل الطفل على الحليب، بالتالي فالشخصية الفموية هي الشخصية الفاقدة للاستقلالية غير الناضجة المعتمدة على الآخرين، كاعتماد الرضيع على أمه لإطعامه.
  2. المرحلة الشرجية: هي السنتين الثانية والثالثة، هي مرحلة تعلم حبس البول والبراز، الشخصية الشرجية هي البخيلة المتصلبة العنيدة الوسواسية.
  3. المرحلة الأوديبية “القضيبية”: بين السنة الثالثة والسادسة، هنا نجد مركب أوديب وإليكترا “Oedipus and Electra complexes”، بمعنى تعلُق الصبي بأمه وكره أبيه وتعلق البنت بأبيها وكره أمها.
  4. مرحلة الهجوع والكمون: تمتد من السادسة للثانية عشرة، حيث التوجه للتحصيل الدراسي وتكوين الصداقات خارج نطاق الأسرة وتعلُّم العادات الاجتماعية.
  5. المرحلة الجنسية “المراهقة”: تبدأ بالبلوغ، تبدأ فيها معظم الانحرافات.

اقرأ أيضًا:  كيف قضى الاحتلال الإنجليزي أو الفلسفة النفعية على روح الإنسان؟


اضطرابات الشخصية

هي خلل مزمن مستمر في تصرفات وأسلوب وتفكير ومشاعر الشخص يؤدي لظهور صفات سيئة التلاؤم مع المحيط، وما يتبع ذلك من خلل مهني واجتماعي. هذه الصفات تزيد عن التقلبات الموجودة عند معظم الناس، لكنها مقبولة عادة من قبل الشخص وبالتالي نادراً ما يستشير هؤلاء طبيبًا نفسيًا.

حينها يُقال أن للشخصية ثلاثة أبعاد، بعد ذاتي: وهو نظرة الشخص لنفسه، وبعد اجتماعي: وهو نظرة الآخرين للشخص وتقييمهم له من خلال سلوكه في المجتمع، وبعد مثالي: وهو ما يتمنى الانسان أن يمتلكه من صفات نموذجية، والشخصية السليمة هي التي تستطيع الموازنة بين هذه الأبعاد الثلاثة.

سنتحدث هنا عن أهم اضطرابات الشخصية وأكثرها شيوعًا، واعتمدنا في المعايير المذكورة لاحقًا على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM–5)، وضمن هذه المعايير إذا حقق الشخص أربع أو خمس منها فهو مُشخَّص بالاضطراب. لذلك اجلب ورقة وقلم واتبعني، لنبدأ.


اضطراب الشخصية الزوراني

هو ذاك الشخص الشَكَّاك، الذي إذا حلفت له بكل الكتب السماوية لن يصدقك، فكل حياته قائمة على الشك، ويَكثُر هذا الاضطراب في أسر الفصاميين وعند الكحوليين وبعد الصدمات العاطفية والجسدية، تتميز بما يلي:

  • عدم ثقة بالآخرين، وتتجلى بالشك الدائم بخيانة الشريك له، وشكوك دائمة حول تصرُّفاتهم ودوافعهم.
  • يحسد الأفضل منه ويحتقر الأدنى منه.
  • تأويلات اضطهادية لكل المواقف والتعليقات.
  • لا ينسى الإساءة ولو بعد سنوات.
  • غير محبوب اجتماعياً لأنه عدواني، كما أنه يلاحق هفوات الآخرين كي يعيّرهم بها.
  • لايكشف عن عواطفه لأن الآخرين برأيه قد يستغلون ذلك بشكل سيئ، هذه التصرفات تنفر الناس من التعامل معه فيبتعدون عنه مما يزيد من شعوره بالاضطهاد.
اضطرابات الشخصية

اضطراب الشخصية الفصامية

لابدّ أن لك صديق سوداوي و كما يُقال “لا يضحك للرغيف السخن”، فصاحب هذا الاضطراب غالبًا انعزالي بارد العواطف، ويتميز بـ:

  • لا يستمتع بعمل أي شيء.
  • ليس لديه عدد صداقات جيد.
  • يُفضل الأعمال الفردية أو الليلية كونه لا يحب الاختلاط.
  • لا اهتمامات جنسية (لا يتزوج).
  • يُفضِّل الأشياء والحيوانات أكثر من الأشخاص.
  • المدح بالنسبة له، بنفس قيمة الذم، أيّ أنه لا يتأثر بالمدح والثناء.
اضطرابات الشخصية

الشخصية المعادية للمجتمع

إذا كان صديقك يعاني من هذا الاضطراب فكان الله في عونك، فلابدّ أنه يتنمر عليك بشكلٍ يوميّ، حيث يكون غالبًا سريع الغضب، وصاحب مشاكل، تعال معي إلى باقي الخصائص التشخيصية:

  • لا يعير أي اهتمام للقوانين العامة والخاصة، لذلك يُعتقَل كثيرًا بسبب الاعتداءات على الآخرين و حالات الشغب.
  • يَتصِف بالخداع، لذلك قد يكذب أو ينتحل شخصيات، ليحقق غاياته الشخصية.
  • مُندفع، ويتصرف دون أي تخطيط مُسبَق.
  • يُستفَز بسهولة، ويقلب هذه الاستفزاز الذي كنت قد تفوَّهت به للمزاح إلى مجموعة لكمات متعددة يتلقاها وجهك، وغالبًا ما تدخل هذه الشخصية في العديد من المشاكل بسبب سهولة الاستفزاز.
  • لا يهتم بسلامته ولا بسلامة من حوله.
  • غياب شعور الذنب وتأنيب الضمير عند الإساءة للآخرين.
  • تغيير عمل دائم وخلافات مستمرة مع رب العمل والزملاء.
اضطرابات الشخصية

اضطراب الشخصية الحدية

إذا لاحظت في الفترة الأخيرة، تقلُّب سريع في المزاج عند صديقك. فمن المُحتمل أن يكون اضطرابه هنا. شاهد معنا المعايير التشخيصية:

  • مزاج سريع التقلُب، وعدم الاستقرار العاطفي خلال اليوم.
  • القيام بتصرفات وعادات تحمل ضررًا للذات، مثلًا التبذير أو الجنس أو تعاطي المخدرات أو الأمل الزائد.
  • تكرار محاولات إيذاء النفس وتشويه الجسد وحتى الانتحار.
  • نوب غضب مفاجئة وصعوبة في السيطرة على النفس.
  • قد تظهر أعراض زورانية وفصامية.
  • قطع فجائي للعلاقات الشخصية.
  • تعدد للعلاقات الشخصية العاطفية.
اضطرابات الشخصية

اضطراب الشخصية الهستيرية

تعني كلمة هيستيرية “histrionic” التمثيل الفاشل أو المُتصنِع، وفي الحقيقة معظم أصحاب هذه الشخصية هم نساء وإذا حدثت عند رجل فلا بدَّ أن يكون هناك شيء ما خاطئ. لذا انظري إلى صديقتك وإبدئي بملاحظة بعض السمات التي سنذكرها، فإذا حققت 5 منها فهي للأسف مُصابة بهذا الاضطراب:

  • رغبة دائمة بأن تكون محط الإعجاب والثناء.
  • إيحاءات جنسية بطريقة كلامها ونظراتها وجلوسها (هذه الإيحاءات تخفي برودة جنسية).
  • ميل للأداء المسرحي المبالغ فيه سواء أثناء الكلام أو التصرفات.
  • قابلية الإيحاء: أي تكون الشخصية سريعة التأثر بالأشخاص والظروف.
  • تعتبر أن العلاقات أكثر قربًا وحميمية من الواقع.
  • تكون طريقة كلامها غامضة نوعًا ما.

 اضطراب الشخصة النرجسية

تقول الأسطورة أن هناك فتىً معجب بنفسه جدًا، لدرجة أنه عندما رأى انعكاس صورته على البحيرة ثَبِت في مكانه ولم يرغب في الرحيل لكي يبقى مُحدقًا بشكله. وبقي سنوات على هذه الحالة إلى أن حولته الآلهة لنبتة جميلة على ضفاف البحيرة اسمها النرجس. لم أجد أجمل من هذا الشرح عن هذه الشخصية، ولكن لن ننسى المعاير عزيزي القارئ:

  • يشعر صاحب هذه الشخصية أن الجميع يحبونه ويحترمونه دون أن يكون لهذا أي أساس من الواقع.
  • لديه رغبة مستمرة لنيل إعجاب الناس.
  • يريد أن تتم تلبية رغباته فوراً لأنه أهم من أي شيء أو شخص آخر.
  • عواطفه سطحية تجاه الآخرين.
  • يحسد الناس ويظنُّ أن الناس يحسدونه.
  • يحطُّ من شأن المحيطين به وينتقد إنجازاتهم وتصرفاتهم، في حين أنه لا يتحمل أية ملاحظة أو نصيحة ويعتبر ذلك إهانة شخصية.
  • خلف هذا المظهر الخارجي الأناني تكمن شخصية ضعيفة سريعة العطب وميالة للاكتئاب.
  • مشغول دائما بتحقيق النجاح المُستحيل.

اضطراب الشخصية الاعتمادية

من اسمها، فإن هذه الشخصية تُفضل الاعتماد على من حولها في كل شيء، وتُسمى أيضًا بالشخصية السلبية أو المُذعنة. وتعد من الشخصيات الفموية “إقرأ الفقرة السابقة”، لها المعايير المُعتمدة وهي:

  • لديه مشاكل في اتخاذ القررات مهما كان حجمها، حيث يحتاج دومًا للنصح والطمأنينة.
  • يحتاج إلى أن يكون أحد ما مسؤول عن أهم جوانب حياته.
  • لديه مشاكل في الاعتراض على فكرة أو رأي حيث يخاف أن يُعارَض أو ألا تُدعَم فكرته.
  • يعاني من صعوبة في البدء بأي مشروعٍ كان، وذلك لأن ثقته بنفسه دومًا ضعيفة.
  • يُفضل أن يحصل على دعم الآخرين مهما كانت التكلُفة، حتى وإن قام بمهام صعبة.
  • تشغله المخاوف غير الواقعية كثيرًا.
  • يخاف الوحدة ويشعر بالعجز عند بقائه وحده.

اضطراب الشخصية الوسواسية

هو الذي يوسوسه أي هاجس صغير، في الحقيقة هي شخصية شرجية بامتياز عكس الشخصية الفموية السابقة، تتميز بـ:

  • حب للكمال ودقة شديدة، حيث تشغله التفاصيل والجدولة والمواعيد الدقيقة.
  • الرغبة في القيام بكل أمر على أكمل وجه دون أي نقصان، فالشخصية تميزها التفاني الكبير في العمل ولو على حساب الترفيه والأصدقاء.
  • للشخصية ضمير صاحي، حيث إنها لا تستهين بالأمور الأخلاقية والإنسانية.
  • لا تُفضل التخلص من أي شيء موجود حتى لو كان بلا أي قيمة مادية أو معنوية.
  • لا ترغب هذه الشخصية بالعمل مع أي شخص أو حتى توكيل الأعمال، إذا لم يوافق الطرف الثاني على كل الشروط.
  • عنيدة ومتصلبة بآرائها.
  • لديها بخل مادي ومعنوي، فهي تحسب دائماً حساب المستقبل وتحرص على عدم صرف النقود إلا في الأمور الضرورية.
اضطرابات الشخصية

أحد اضطرابات الشخصية موجود: الآن ماذا أفعل؟

نادرًا ما تفيد الأدوية في اضطرابات الشخصية، والعلاج الأساسي هو النفسي، وهذا طبعاً اذا وافق المريض لأن معظمهم يكون متأقلماً مع شخصيته ولا يعتبرها مضطربة. وتضم أنواع العلاج النفسي كل من:

ذو صلة
  • العلاج النفسي التحليلي.
  • العلاج السلوكي الجدلي.
  • العلاج السلوكي المعرفي.
  • العلاج الجماعي.
  • التثقيف النفسي (أي تعليم الشحص ومن حوله حول هذا الاضطراب وكيف يتعاملون معه).

اقرأ أيضًا: 6 علامات تدل على إصابتك باضطراب في الشخصية

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة