لماذا تعتقد أن الفضاء الخارجي صامت تماما؟

لماذا تعتقد أن الفضاء الخارجي صامت تماما؟
كوكب كلية
كوكب كلية

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

الفضاء الخارجي واحدٌ مِن أقدم ما أثار في الإنسان الدهشة والتساؤل؛ لكن برأيك لماذا نعتقد أن الفضاء الخارجي صامت تمامًا؟

الغالبيّة يعتقد أن الفضاء خالي من الأصوات تماماً، وهذا صحيح تبعاً للمادة العلميّة والمنطق في ذلك، حيث أكدّ الرواد الفضائيون عدم سماع أي أصوات في الفضاء الخارجي، السبب في ذلك هو أن الصوت لا ينتقل في الفراغ لانعدام الجزيئات الناقلة للأمواج الصوتيّة؛ وبالتالي لا يُمكن للأذن البشريّة سماع أي صوت على خلاف الضوء الذي لا يحتاج لأي وسيط للانتقال.

بينما هذا الاعتقاد خاطئ من جهة أخرى فبعض المركبّات الفضائيّة استطاعت التقاط البث الراديوي بعد وصولها للكون الخارجي، وحول العلماء هذه الموجات إلى موجات صوتيّة، مثال: مركبة جونو الفضائيّة التابعة لوكالة ناسا التي التقطت المجال المغناطيسي الهائل للمشتري وحولّته إلى موجات صوتيّة تكاد الأذن البشريّة أن تُصاب بالانفجار عند سماعها بالإضافة لذلك تخلق موجات البلازما صوت أمواج صاخبة في المحيطات، ورصدت مركبة كاسني الفضائيّة الانبعاثات اللاسلكيّة لكوكب زحل التي كشفت عن وجود أصوات هائلة لزحل.

لحسن الحظ أننّا لا نسمع تلك الأصوات الناتجة عن الانفجار الكوني والانفجار النجمي الهائل واصطدام المذنبات لأن الأذن البشريّة لا تتحمّل هذا النوع وقد تصيب البشر بالجنون، واستطاعت وكالة ناسا الفضائيّة التغلّب على هذه المشكلة التواصل مع روّادها في الفضاء عبر الموجات الراديويّة المنتقلة عبر الفضاء.


ما هي طبيعة الصوت؟

لا ينتقل الصوت بالفضاء لأن الفضاء فارغ أي لا يوجد فيه جزيئات تعمل على نقل الموجات الصوتية من مكان لآخر، فالفضاء خالٍ تمامًا من المادة، في الحقيقة إن الضوء ينتقل في الفضاء، إلا أن الصوت عبارة عن موجات ميكانيكية تكون على شكل اهتزازات فهذه الاهتزازات تنقل الطاقة من مكان لآخر، لكن بالضرورة يجب أن يكون انتقال هذه الموجات عبر وسيط نسميه الجسيمات، وذلك من خلال كل جسيم يتأثر باهتزاز موجات الصوت لذلك ينقل هذه الاهتزازات لما حوله من الجسيمات الأخرى، وبناءً عليه فإن الصوت كي يسافر يحتاج إلى مجموعة كاملة من الجزيئات التي تكون المادة، وقد تكون هذه المادة سائل أو مادة غازية أو مواد صلبة.

لذلك فالصوت لا ينتقل في الفضاء لعدم وجود الجزيئات، فاهتزازات الصوت لا يمكن لها أن تنتقل بفراغ صامت تمامًا، لكن من ناحية أخرى ففي زوايا في الكون قد توجد مواد غازية إضافة للغبار الكوني قد يتجمع هذا الغاز والغبار ليصبح كثيفًا، وبالتالي يمكن أن تكون جزيئاته قريبة من بعضها البعض بما يكفي لانتقال الصوت لكن لمسافات قصيرة جدًا، تقول بعض الأبحاث أنه في الفضاء يوجد مكان لانتقال الموجات الصوتية لكن داخل الثقوب السوداء، إلا أن الإنسان من المستحيل أن يسمعه.


كيف يتم تفسير الصوت؟

بمجرد مغادرتك للغلاف الجوي للأرض لن تسمع أية أصوات خارج نطاقها، يُخيم الصمت المطبق على هذا الفضاء الشاسع ما يُضفي عليه جوًا من الرعب والوحدة، وعلى الرغم من احتواء الفضاء الخارجي على مليارات النجوم التي يحدث على سطحها انفجارات لا تتوقف، وحتى انفجار النجوم نفسها، وعلى الرغم من المذنبات العائمة في الفضاء التي تصطدم ببعضها، لا نسمع أي صوت لكل ذلك.

يمكن للضوء الانتقال في الفراغ على عكس الصوت، فالصوت يحتاج دائما لوسط يمكنه العبور من خلاله، فهو ينتقل في الهواء والماء عن طريق اهتزاز الجسيمات في الوسط بحيث تصطدم ببعضها البعض، وتنتقل الاهتزازات عبر الوسط حتى تصل إلى طبلة أذنك، ليفسر الدماغ هذه الاهتزازات على أنها صوت.

لكن ما يحدث في الفضاء هو أن تلك الاهتزازات لا تجد وسطًا تنتقل من خلاله إلى طبلة الأذن، فلا وجود لجسيمات تهتز، وهذا من حسن حظك فلو أن الصوت ينتقل في الفراغ لما توقفا عن سماع الأصوات الصاخبة من الشمس والتي كانت ستدفع الناس إلى الجنون.

قد تعتقد أن هذا الأمر سيسبب مشكلة لوكالة ناسا، حيث أنها لن تستطيع التواصل مع رواد الفضاء بعد مغادرتهم للغلاف الجوي، لكن الحل بسيط، تستخدم ناسا موجات الراديو التي تنتقل بشكل جيد عبر الفراغ، لأنها تعتبر نوعًا من الموجات الكهرومغناطيسية تماماً كالضوء، حيث أنها لا تحتاج لوسط تعبر من خلاله.

وبهذا نكون أجبنا على استفسار منطقي لماذا تعتقد أن الفضاء الخارجي صامت تماما؟، فهو بالفعل لا يتمتع بالجسيمات الناقلة للصوت وهذا بالطبع من رحمة الله تعالى بنا.

هل أعجبك المقال؟