🎞️ Netflix

من ميكي إلى العربي الصغير: أين ذهبت مجلات الأطفال العربية في عصر الميديا؟

مجلات الأطفال العربية
غادة محمود
غادة محمود

8 د

القراءة عادة يجب تنميتها في الفرد منذ الصغر لعدة أسباب؛ منها أن يمتلك مقدرة على القراءة الأدبية، يحافظ على ارتباطه باللغة العربية، يكتسب مهارة تمييز الأدب بمعناه الحقيقي وأشباه الأدب التي كثرت حاليًا. القراءة فالصغر كالنقش عالحجر، كل ما سبق يقودنا إلى ما نحن بصدد الحديث عنه مجلات الأطفال العربية ومحتواها: حيث تعد مجلات الأطفال تعد خطوة مهمة ومرحلة فاصلة في تكوين عقل الطفل وتشجيعه على القراءة وتوسيع مداركه، ولكن: أين تلك المجلات حاليًا في عصر الميديا الحديثة؟


معدلات قراءة الأطفال

مجلات الأطفال

مجلات الأطفال تعد خطوة مهمة ومرحلة فاصلة في تكوين عقل الطفل.

كانت القراءة أمرًا طبيعيًا قديمًا كالطعام والشراب فقد كان الجميع يقرأ وكانت وسائل الترفيه محدودة وعلى رأسها القراءة، أما الآن فالوضع مختلف فالحياة صارت تعج بوسائل الترفيه وقد يموت المرء ولم ينتهِ من تجربة العديد منها، هذا التطور السريع دفع بالقراءة إلى ذيل قائمة وسائل الترفيه إلا في الأعمار الكبيرة نسبيًا.

مبدئيًا لا بد أن نتعرف على معدلات القراءة للأطفال حيث نشرت صحيفة “الجارديان” دراسة وجدت أن 26% فقط من الأطفال تحت سن 18 سنة يقرأون في بعض الأيام وهذه معدلات قراءة أقل من أي جيل مضى، إلى جانب أن الغالبية من النسبة السابقة تستمتع بالقراءة بشكل أقل من أي جيل سابق ويجدونها عبئًا بطريقة أو بأخرى.

النسبة السابقة عالمية، وبالطبع هي أقل في العالم العربي، وهذا متوقع فجمهور القراء من البالغين في العالم العربي محدود، ولابد أن لذلك انعكاسه على الناشئين.

الخلفية السابقة تجعل الصورة أكثر وضوحًا أمامك عن وضع مجلات الأطفال العربية أو المحتوى الموجه للأطفال في العموم، والتحديات التي تواجه هذا المحتوى وسط العدد الهائل من الأطفال الممسكين بالأجهزة اللوحية.


تطور مجلات الأطفال العربية

مجلات الأطفال العربية

تطور وضع مجلات الأطفال العربية عبر الزمن وسط العدد الهائل من الأطفال الممسكين بالأجهزة اللوحية.

بما أننا نتحدث بصورة عامة، كان لا بد من إعادة الاطلاع على هذه المجلات، وحرصت على اختيار مجلات متنوعة كل مجلة من بلد عربي مختلف ولها طبيعة مختلفة عن الأخرى؛ سعيًا لتغطية أكبر قدر ممكن من المحتوى المكتوب الموجه للأطفال.

سنقف في تحليلنا لتلك المجلات على طبيعة المحتوى وهل تطور عن الأزمنة الماضية وكيف تتعامل تلك المجلات مع كل وسائل الترفيه التي تنافسها على سرقة وقت الأطفال.


مجلة ميكي

مجلة ميكي

من مجلات الأطفال العربية تبدو مجلة ميكي كأنها في جزيرة معزولة في عصر السوشيال ميديا.

مجلة ميكي؛ هي مجلة صادرة عن دار نهضة مصر، اشتهرت مجلة ميكي بفكاهتها وقدرتها على الاندماج مع الأطفال وقرب شخصيات عالمها من الأطفال، لكن بعد إعادة الاطلاع يبدو أن ما ذكرته أصبح ذكريات.

جودة الأوراق رديئة والألوان باهتة حتى أنني وجدت صعوبة في تمييز بعض الألوان من بعضها، وهذه نقطة ضعف في غاية الأهمية، فنحن في عصر جودة الصورة فيه وصلت لأبعد الحدود في كافة الوسائل، فكيف لطفل محاط بكل الإغراءات البصرية تلك أن ينجذب لمجلة بمظهر متواضع كذلك.

ننتقل للجزء الأبرز وهو المحتوى، رغم أن الأعداد حديثة إلا أن القصص بدت لي كقصص التسعينيات، أو ما قبل عصر الإنترنت، نفس التيمات، والأفكار لم يحدث أي تغير منذ كنت أنا طفلة؛ نفس الصراعات والمغامرات بنفس التفاصيل فتبدو المجلة كأنها في جزيرة معزولة.


مجلة قطر الندى

مجلة قطر الندى

من مجلات الأطفال العربية تتفوق مجلة قطر الندى على مثيلاتها في عنصر الإبهار البصري.

مجلة قطر الندى هي مجلة تصدر مرتين شهريًا عن وزارة الثقافة المصرية، تتفوق مجلة قطر الندى على مثيلاتها في عنصر الإبهار البصري، فهي ممتعة للعين جدًا وألوانها مبهجة وتشجع الطفل على شرائها، ولكنها قفزت إلى الهاوية بكل معنى الكلمة.

مع أول صفحة في المجلة تجد البطلة الرئيسية للمجلة تتحدث العامية المصرية، وكذلك في عدة قصص أخرى إلى جانب سطحية المحتوى، فالمحتوى سطحي لدرجة تجعل إكمال القصة الواحدة كالسفر سيرًا على الأقدام، تبدو المجلة أنها سقطت من ذاكرة الزمن، وتظن أنها لا زالت تتعامل مع أطفال الثمانينيات والتسعينيات المعتادين على الانبهار بتلك الموضوعات.

من باب الإنصاف، يجب الإشارة إلى تفوقها في بابين مهمين هما القصص المترجمة؛ والتي يتم اختيارها وترجمتها بعناية، وبعض الصفحات الخاصة بالتاريخ المصري والإسلامي.


مجلة العربي الصغير

العربي الصغير

من مجلات الأطفال العربية نجد مجلة العربي الصغير تتمسك بأسلوب قديم لا يناسب العصر الحالي.

كانت مجلة العربي الصغير صدمة بالنسبة لي؛ فقد توقعت أن تكون هذه المجلة الكويتية على رأس تلك القائمة من حيث التفوق، ولكنها للأسف سقطت في نفس الفخ، فالمجلة لم تقلع عن محتواها القيم والثري جدًا.

لكنها كالأخريات بمعزل عن الواقع فلا أعلم كيف لمجلة أطفال أن تحتوي على 3 قصص مصورة فقط، والباقي مقالات وقصص وموضوعات لا أنكر قيمتها، ولكنها تبدو بهيئة مملة وفقرات طويلة وصور محدودة جدًا، وألوان ضعيفة مما يجعل اتخاذ قرار قراءتها أمرًا صعبًا على أي طفل.

كيف تسلب منه كل المحفزات وتنتظر منه أن يقرأ بشغف؟ لكن ما زالت شخصية العربي الصغير محتفظة برونقها ومواكبة للتقدم بشكل لا بأس به، إلى جانب الجزء الخاص بالقصة المصورة التي تقدم قصة تاريخية.

للأسف ما سبق لا يغفر للمجلة تشبثها بأسلوب قديم لا يناسب العصر الحالي. فهي تحتاج طفل بشارب ويرتدي روب يجلس في الشرفة لتناول الشاي بعد قيلولته ويتصفحها.


مجلة أميرات ديزني

مجلة أميرات ديزني من مجلات الأطفال العربية

من مجلات الأطفال العربية نجد مجلة أميرات ديزني تحصر الفتيات في أدوار نمطية.

لا أملك الكثير فيما يخص مجلة أميرات ديزني، فهي بالطبع متفوقة جدًا في الجانب البصري والجودة الفيزيائية وملتزمة باللغة العربية، ولكنني توقعت بعد مرور الوقت منذ صدورها وبما أنها حديثة نسبيًا أن تجدد في محتواها.

هي بالطبع موجهة للفتيات فقط، ولكنها تحصرهم في أدوار مثل الطبخ والخياطة والتنميط المعروف والقصص سطحية للغاية لا تمت حتى للأفلام التي تم اقتباس الشخصيات منها.

فالعالم يتغير، وهذه المجلة تحتاج لتعديل محتواها ليلائم الوقت الحالي، ويعين المجتمعات على حسن توعية وتعليم الفتيات، حتى أن ديزني نفسها بعد الهجوم عليها عدلت سياستها، وبدأت في تمكين المرأة في أفلامها بشكل أو بآخر ولا زالت مجلة أميرات على حالها.

اقرأ أيضًا:


أسباب غياب مجلات الأطفال العربية عن حياة جمهورها

من ميكي إلى العربي الصغير: أين ذهبت مجلات الأطفال في عصر السوشيال ميديا؟الأطفال

من ميكي إلى العربي الصغير: أين ذهبت مجلات الأطفال العربية في عصر السوشيال ميديا؟

أتوقع أن تكون قد توصلت الآن لسبب غياب تلك النوعية من مجلات الأطفال العربية عن الساحة وعجزها عن المنافسة، فجميعها لا تعتمد على أي وسائل ترويجية أو تسويقية، فكل واحدة منها واقفة بمكانها متوقعة أن الطفل العربي الحالي سيدفعه الملل لشراء المجلة، ولكن هذا مستحيل لأن الطفل العربي حاليًا لم يعد لديه وقت للملل أصلًا.

جميعهم لم يستفد من وسائل التواصل الاجتماعي لعمل منصات يستوعب منها جمهوره واحتياجاته، فما قرأته وشاهدته دليل على عدم وعي لدى المجلات بوضع وطبيعة واحتياجات جمهورها.

كل المجلات السابقة تعيش على ذكرى الأمجاد السابقة والتاريخ المشرف، ظنًا منها أن الآباء الحاليين الذين تربوا على محتواها سيشترون المجلات لأطفالهم، قد يكون ذلك صحيحًا ولكن كيف سيتمكن الآباء من إجبار الأبناء على إيجادها أكثر تشويقًا ومتعة من الوسائل الأخرى؟

إذا أردنا أن نجعل الأطفال يقرأون لا بد أن نتحين كل الفرص، حتى نتمكن من الفوز بوقتهم ضد كل الوسائل الأخرى، التى تعد مساوئها أضعاف مكاسبها فلا بد من إجراء العديد من دراسات الجمهور والتجارب، ومقابلة الأباء أو على الأقل فتح وسيلة للتواصل معهم للحصول على صورة أوضح للجمهور.. بدلًا من الحديث في موضوعات نظرية وجدت الأفضل هو الاستعانة بمثال حي وهذا المثال هو مجلة ماجد.


نموذج مجلة ماجد

مجلة ماجد

ماجد تنتج محتوى بنكهة الحاضر يتحلى بقيم الماضي

ومن مجلات الأطفال العربية نجد مجلة ماجد وهي مجلة إماراتية شهيرة من عدة عقود، تربى على يديها أجيال عديدة، لكنها تعد الآن نموذجًا مميزًا في قدرتها على جذب اهتمام الأطفال وتشجيعهم على القراءة.

تقدم ماجد تجربة بصرية ممتازة للغاية مريحة للعين، وممتعة في نفس الوقت، ومظهرها الخارجي يجعل قرار الشراء والقراءة أمرًا يسيرًا، تقدم ماجد في كل عدد ملحق ألعاب دمجت فيه بين ألعابها القديمة مثل “البحث عن فضولي” و”لغز الظرفاء”، وألعاب حديثة مثل الحيل والشفرات وألعاب متنوعة.

توفر داخل الملحق صفحات على هيئة خطاب؛ حتى يخوض الأطفال تجربة الكتابة، ومن ثم يرسلونها عبر البريد الإلكتروني. بالإضافة إلى جزء مهم جدًا؛ وهو “أنت الكتاب” حيث تنشر قصة مصورة بلا كلام ويكتب الأطفال وينشر الأفضل، ولكن هذه الخطوة تجعل القائمين على ماجد على دراية مستمرة بعقلية جمهورها، وكيف يريد المحتوى فتقدم له المحتوى الذي يحتاجه بالطريقة التي يريدها.

تواظب مجلة ماجد على إجراء حوارات مع الكتاب والرسامين القائمين عليه، ويتم نشر ذلك في صفحات متفرقة داخل الأعداد، وهذا يعطي انطباعصا لدى المتلقي باندماجه مع صانع المحتوى ومدى قربه منه.

أما على صعيد المحتوى، نجد مجلة ماجد أبقت على نفس عالمها وشخصياتها، ولكن مع تعديل بسيط ومحوري؛ فأضافت للعديد من القصص شخصيات يعانون من مشاكل صحية وإعاقات كأبطال للقصص مع البقية يعيشون حياة عادية؛ لتزرع روح التقبل والاندماج في نفوس الأطفال.

تخاطب الأطفال بلغتهم ويرى الأطفال عالمهم على صفحاتها، فتجد الأطفال غير المحبين للحضانة وكارهي المدرسة وغير المطيعين وغير ذلك، ولا تعامل ماجد هذه الشخصيات كجريمة أو تلقي عليهم دروسًا، بل تجعلهم أبطالًا وقد تجعل عيوبهم مهامًا، فهناك شخصية كل مهمتها هي الهرب من الحضانة، ولكن يتم إرسال الدروس والعبر من خلال هذه الشخصيات بشكل غير مباشر.

قناة ماجد

من مجلات الأطفال المتميزة نجد أن مجلة ماجد تحفز القراء الصغار على تقدير قيمة القراءة والتشبث بها.

خلقت مجلة ماجد لنفسها بطلها الخارق بعدما وجدت شاشات التلفزيون والسينمات تعج بالأبطال الخارقين وجعلتها فتاة، أضافت شخصية الملازم مريم إلى سلسلتها الشهيرة النقيب خلفان لدمج الجنسين معًا وتستخدم ألفاظ كالتنمر وغيرها؛ للتوعية ولتشعر الأطفال أنها معهم وفي عصرهم وتتخذ من الباحثين عن الشهرة وما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي موضوعات لها لتنبيه الأطفال وتحذريهم بشكل غير صريح. ماجد تنتج محتوى بنكهة الحاضر يتحلى بقيم الماضي.

في نفس الوقت تساعد الأطفال على اكتشاف الماضي وعدم النفور منه، بتخصيص جزء من كل عدد لعرض المحتوى القديم الخاص بها، فقد كونت قاعدة جماهيرية ستقبل منها هذا النوع من المحتوى. تحرص مجلة ماجد في مختلف صفحاتها على التأكيد أن علاقتك بماجد لن تنتهي بانتهاء العدد حتى الشهر القادم، فمجلة ماجد دائمًا معك عبر قناتها التلفزيونية، وقناتها على يوتيوب، وصفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقها على الهواتف والأجهزة اللوحية فقد خلقت ماجد مساحة تفاهم وانسجام بينها وبين القراء.

تحفز مجلة ماجد القراء الصغار على تقدير قيمة القراءة والتشبث بها، ولعل باقي مجلات الوطن العربي تجد في تجربة ماجد سبيلًا للاهتداء، وتحسين محتواها وجعل التطور الحالي في صالحها لا ضدها.

ذو صلة

لك أيضًا:

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة