أبرز الروايات الأكثر قراءة حول العالم: مختارات من الأدب الذي لا يشيخ

اليوم موعدنا مع قراءة جديدة لمجموعة من أبرز روايات الأدب العالمي ذات الطابع الكلاسيكي الذي لا يشيخ أبدًا من الروايات الأدبية الأكثر قراءة حول العالم، والتي ما أن تقرأها حتى تفتح عينك آفاق مختلفة أكثر رحابة، ومن أشهرها بالطبع رواية 1984.

ولكن قبل البدء في رحلتنا مع كل رواية، سنقف قليلًا لفحص مسمى “الأدب الكلاسيكي” لنعرفه بدقة لمن لا يعرفه. فقد قالوا عنه إنه ” الإبداع الذي لا يشيخ” أي الذي ما زال يقرأ بعد مضي زمن طويل عليه، ابتداء من الحضارة ” الإغريقية” و “الرومانية” و “الصينية” وصولًا بالقرن العشرين. وهو يشمل الأعمال التي تقرأ من جانب مختلف الثقافات، فيستطيع أن يتفاعل معها القراء في أي وقت وأي مكان، لأن مواضيعها ما زالت تناقش حتى الأن بنفس الحرارة والوهج التي كتب عنها الرواية. وهناك مصطلح آخر يعرف بـ “الأدب الكلاسيكي” بأنها الرواية التي تعود لقراءتها مرات ومرات، إما لتستشهد بها مثل أول روايتنا اليوم في القائمة “1984”، أو إما أن تقرأها لتبعث في نفسك الراحة والسكينة.

رواية 1984 – Nineteen Eighty Four للكاتب الإنجليزي جورج أورويل – George Orwell، من أبرز روايات الأدب الكلاسيكي الأكثر قراءة في العالم بل وأشهرها على الإطلاق.

وهي رواية يمكن تصنيفها ضمن أدب الخيال السياسي، وروايات المدينة الفاسدة التي تعكس الواقع المرير. يجدها القراء أحيانًا مفيدة للتعامل مع الأزمنة الصعبة، ويمكن الاستشهاد بها في أي زمان، صُنفت ضمن أكثر الأعمال تأثيرًا في العالم، وتُرجمت لأكثر من 60 لغة.

ما زال القارئ يصدم بما تحويه الرواية من واقع غريب ومخيف، ونقيس عليه كيف أصبحنا الأن، فالرواية كُتبت سنة 1949 وتدور أحداثها مستقبلًا عام 1984،  فالكاتب استشرق بأن في تلك الفترة “ستراقبك شاشة التفاز في كل مكان والجميع يتجسس عليك”، فهل ترى بعد رؤية الكاتب إنه كان ينظر للمستقبل وللجحيم الذي سيطول العالم؟ فنحن تراقبنا الآن “مواقع التواصل الاجتماعي” وتعطي بيانات عن حياتنا لشبكة الإنترنت، وتجمع كل فعل ورد فعل لنا وتسجله. وأصبحنا تحت رحمته ونتلذذ بتلك السيطرة رغم عواقبها الوخيمة.

والمثير للاهتمام وما يجعلك تتشوق لقراءة الرواية، هو إقبال الأمريكيون على قراءتها مرة أخرى بعدما استعملت إحدى مستشارات الرئيس مصطلح “الحقائق البديلة” لتبربر نشر أرقام غير دقيقة بخصوص من حضروا حفل تنصيب ترامب، فإن تشابه كلمات المستشارة مع ما تم ذكره في الرواية من عبارات عن بعض الأنظمة للسيطرة وقبح العقول والأفكار، فتلك العبارات كانت دليلًا كافيًا على استشراق الكاتب للمستقبل.

تدور أحداث الرواية عن رجل في مقاطعة بريطانية يعيش تحت مظلة “الأخ الأكبر”، وتعتبر “الأخ الأكبر” شخصية ابتكرها الكاتب ليجسد فيها كل الأنظمة القمعية والسوداوية، وغيرها من المصطلحات السياسية اللتي ابتكرها مثل: “الحرب الباردة، والتفكير المزدوج، جريمة الفكر”.

الظروف التي رافقت جورج أثناء كتابة الرواية من معاناته من أمراض خطيرة، فقد فسرت السوداوية والبؤس الذي كان يغلب على الرواية، فضلًا عن عدم تعافي أوروبا من آثار الحرب العالمية الثانية.

غير تميز أوروريل ككاتب روائي، تميز أيضًا ككاتب مقالات سياسية حيث وصفه الناقد الأمريكي “أرفي” بأنه “كاتب المقالات الأعظم”.

اقرأ أيضًا:

رواية غاتسبي العظيم – The Great Gatsby للكاتب فيتزجيرالد – Fitzgerald تعد واحدة من أبرز روايات الأدب الكلاسيكي في أدب القرن العشرين.

ظروف كتابة الرواية كانت سلاحًا ذا حدين، لإنها كُتبت في وقت بداية الأزمة الاقتصادية عام 1925 والتي أثرت على حركة النشر وبيع الكتب، وقد نتج عن ذلك بإنها باعت 20 ألف نسخة فقط، لذا لجأت دار النشر وقتها لتوزيع الرواية على الجنود الأمريكيين  المشاركين في الحرب العالمية التانية.

وبهذه الحيلة قد حققت الرواية شهرةً واسعةً باستخدام أسلوب دعايا ذكي، كما كانت تلك الحيلة سببًا في الارتباط بوجدان الأمريكيين حتى الأن. مما جعلها تتحول لخمسة أفلام تضاف لتاريخ الأفلام في هولييود؛ لتظل في الذاكرة.

وكما هو واضح من عنوان الرواية إن شخصية “غاتسبي” هي من تتمحور حولها الرواية، شخصية رجل ثري قضى معظم حياته في إقامة الحفلات الصاخبة، تدور حوله التكهنات عن مصدر ثروته، التي تظهرها الرواية بأنها أتت من طريق غير شرعي.

تظهر لنا شخصية “غاتسبي” من خلال “الرواي” الذي سيتخذه فيما بعد للتقرب من حبيبته المتزوجة، ولكن الرواية ليست محض حكاية غرام لرجل يسعى للوصول لحبيبته كما يبدو، ولكنها تعد توثيقًا لتاريخ تلك الفترة التي أثرت في حياة الأمريكيين والتي أطلقوا عليها فترة “عصر الذهب الأمريكي المجنون”.

كما قال النقاد إن الفكرة الرئيسية التي تدور حولها الرواية والتي يسعى غاتسبي الوصول لها وتحقيقها، هي فكرة “الحلم الأمريكي” المتمثل في إن أمريكا هى أرض الفرص والأحلام التي تتحقق بمجرد حلمها، ولكن تم هدم تلك الفكرة أو “الأكذوبة” في نهاية الرواية.

اقرأ أيضًا:

الكاتبة الأمريكية هاربر لي – Harper Lee نشرت سنة ١٩٦٠ روايتها الأمريكية أن تقتل الطائر المحاكي أو بريئًا – To Kill a Mockingbird، رواية حصلت على جائزة بوليتزر، والتي تناولت الموضوع الأكثر حساسية في ذلك الوقت وخاصة في أمريكا، موضوع “التمييز بين أصحاب البشرة الداكنة”.

تدور أحداث رواية أن تقتل الطائر المحاكي داخل أكثر الولايات المعروفة بالتمييز العنصري. محامي يدافع عن شخص “أسمر” متهم بالاغتصاب بدون ذنب، الشخصية الأساسية هي المحامي الذي تدور حوله أحداث الرواية، سترى قناعات ذلك المحامي وأفكاره في التصدي للظلم من خلال ما يغرسه في أبنائه، وشجاعته ويقينه التام بما يؤمن به رغم معرفته بالخسارة، فهو يدافع عن “شخص” كل الأشخاص ضده.

هناك رسالة أرادت الكاتبة الأمريكية هاربر لي توصيلها منذ اكتر من ٦٠ سنة، نستطيع القول بأن لها بعد نظر؟ فقد تناولت القضية التي ما زالت تعاني منها الولايات حتى الآن! الرواية رغم إن بها من الحس الدعابي والدفء، ولكن تتجاوز عمق أهميتها الأدبية والإنسانية تصوير الشخصيات، تم اعتمادها كمادة يتم تدريسها في المناهج نظرًا لإنها تأخذ القراء لجذور للسلوك البشري وهذا ما يهدف تعليمه للأجيال القادمة.

رواية الأشياء تتداعى – Things Fall Apart من أبرز روايات الأدب الكلاسيكي لكاتبها النيجيري غينوا أتشيبي – Chinua Achebe، الكاتب الذي وصفه الزعيم نيلسون مانديلا بأنه “الكاتب الذي انهارت جدران السجن في صحبته” حيث قرأ له خلال فتره حبسه الطويلة.

تحكي عن الاستعمار الأوروبي لأفريقيا وما حل بها من خراب، وذلك من وجهة نظر الأفارقة نفسهم من خلال قبيلة” الإيبو”، في  نهاية القرن التاسع عشر وقت الاستعمار لنيجريا، وكيف أثر على الحياة في تلك الفترة.

استطاعت الرواية أن تظهر وجه الأفارقة الحقيقي من خلال شخصية ” أوكونكو” كنموذج للأفريقي الذي يتشبث بهويته الدينية والثقافية، وأظهرت بأن لهم كيان وجذور عكس ما كان يتصدر للعالم، فقد أعطت صورة حقيقية عنهم، لدرجة اعتماد الرواية كمادة ومقرر دراسي في جميع مدارس القارة السوداء، وتم نداولها أيضًا من قبل الدول الناطقة بالإنجليزية.

رواية الأشياء تتداعى انتصرت للهوية الأفريقية، وفتحت الباب لكتاب لأفارقة أخرين، ليتمكنوا من التعبير عن أنفسهم وعن هويتهم للعالم كله.

اقرأ أيضًا:

رواية أمير الذباب – Lord of the Flies الحائزة علي جائزة نوبل لمؤلفها البريطاني ويليام غولدنج – William Golding، من أبرز روايات الأدب الكلاسيكي الأكثر قراءة في العالم بل وأشهرها على الإطلاق.

تدور أحداث الرواية حول طائرة تجطمت نتيجة لهجوم وهى تستقل عددًا من الأفراد، لم ينج منهم إلا مجموعة الصبية الذين سقطوا على جزيرة مهجورة. كيف سيواجهون مصيرهم الجديد؟ وهل سيعيشون بسلام أم ستصبح الجزيرة نسخة مصغرة عن العالم الخارجي وما يجري فيه، ولكن الفرق إنه لا يوجد قوانين أو ثواب وعقاب؟

الرواية تصور بشكل رمزي الوحشية التي طغت الإنسانية والأخلاق في تلك الفترة، فترة الحروب الباردة بين الدول، أرادت الرواية توصيل فكرة بأن النظام الذي يتجاهل الطبيعة البشرية وما بها من نواقص، ويتعتمد فقط على الشكل السياسي للحكم من المؤكد إنه سيفشل، وهذا ما حدث مع صبيان الجزيرة المهجورة.

رواية الشيخ والبحر – The Man and The sea لمؤلفها إنست همنغواي – Ernest Hemingy المعروف عنه بالبراعة في كتابة الروايات والقصص القصيرة، حتى إنه لقب بـ”بابا” الفن، أبدع في كتابة تلك الرواية التي تتحدث عن عدم الاستسلام للموت، بينما هو في الحقيقة مات مستسلمًا ومنتحرًا! الروائي في طبعه متناقض من الدرجة الأولى ومن الممكن أن بكون هذا هو سر إبداعه!

رواية بعد سنوات من اصدارها برهنت إنها أفضل ما كتب إنست، هي رواية عن الحياة والوجود الإنساني، يحاول من خلالها الكاتب أن يكتشف الله من خلال معركة مع الصياد العجوز وسمكة المارلين، يحاول أن يلمس سبب الحياة من خلال الانتصارات والهزائم اللي أطاحت بالصياد في رحلته، صياد يمر بأسوأ لحظات في حياته وأسوأ أوقات حظه، يعطي بقصته درسًا في صراعنا مع الحياة ومع الاستمرار، براعته تكمن في كم التناقض بين القصة وبين صاحبها.

اقرأ أيضًا:

رواية رحلة إلى الهند – A Passage to India لمؤلفها إدوارد مورجان – E. M. Forster والتي تعتبر من روائع الأدب العالمي في القرن العشرين، تدور أحداثها في إحدى الولايات في الهند وفي فترة الاحتلال البريطاني، يصور العلاقة بين الشعب الهندي والمستعمر، ويطرح أسئلة حول إمكانية إقامة أي نوع من أنواع الصداقات والعلاقات بينهم أم من المعجزات أن يحدث ذلك.

بين شعب الهند” الهندوس والمسلمين” وبين المحتل البريطاني هل في حالة بذل الجهد لتنمية العلاقات سينجحون؟ أم أن هناك استحالة في تكوين صلة بين شعب ومحتل حتى لو رغب الاثنان في ذلك؟، قدمت الرواية إشكالية عن إمكانية التعايش بين الأديان، وتطرح الصورة النمطية المأخوذة عن الشعوب المحتلة بأنها أقل في الذكاء وأدنى في الفهم.

رواية الآمال الكبيرة – Great Expectations للكاتب الإنجليزي الشهير تشارلز ديكنز – Charles Dickens والتي تم تجسيدها على المسرح والشاشة أكتر من 250 مرة!

ديكيز هو الكاتب الذي حمل على عاتقه مناقشة مشاكل الفقراء والأيتام في أعماله، والمعروف عنه بأنه يصف الحالة الاجتماعية التي يعيشها الأوروبين في ذلك الوقت، يمكن اعتبار رواية الآمال الكبرى أشبه بالسير كعادة الكاتب، وذلك ليستقي خبرته في الحياة من خلال بطله، لأن أحداثها تبدأ من تاريخ 1812 عندما كان البطل طفلًا في السابعة من عمره، وحتى شتاء 1849.

فهي رواية عن الآمال والأحلام، يختار الكاتب الطفل “بيب” ليكون هو بمثابة المرآة لتلك الأحلام والأماني، ومن خلال ليلة واحدة فارقة في حياة ذلك الطفال، ستنقلب حياته رأسًا على عقب، ماذا يحدث عندما تصل لأحلامك التي لازمتك منذ الطفولة؟ ستمتن للظروف والأيام والأشخاص الذين ساندوك؟ أم تسيطر عليك الطبيعة البشرية للإنسان؟ يبرز هنا الكاتب إشكالية ما بعد الوصول للأحلام وتحقيقها، هل تمام الشيء يأذن بنقصانه؟ أم الحصول على الأحلام ما هو إلا بداية لخسارتها؟

رواية الأرض الطيبة – The Good Earth للكاتب بيرل باك –  Pearl S. Buck عاشت الكاتبة في الصين وكتبت عنها أدبًا لم يكتب أي صيني مثله، بداية من عنوان الرواية التي كانت تحمل دفئًا، إلى سرد أحلام البسطاء والمهمشين. تدور أحداثها في الصين وبالتحديد في “الريف الصيني” في القرن التاسع عشر حيث التطورات والتغيرات التي طالت البلد في ذلك الوقت.

رواية تحاول أن تنقل ثقافات المجتمع بشكل غير مباشر، صورت الرواية المجتمع الصيني بكل ما فيه، من الفقراء والمهمشين والأغنياء بنمط عيشتهم الباذخ حتى الآله والمعتقدات والعادات والأساطير، ستذكرك برواية “الأرض” للكاتب المصري عبد الرحمن الشرقاوي وكيف يتمسك الفلاح بأرضه حتى لو على حساب نفسه، وحتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وستشعر بعدها بإن معاناة الفلاح واحدة في كل زمان ومكان ولن تنتهي.

ستجد براعة في أسلوب الكاتبة قي التعبير عن ملامح الريف الصيني وعن الروح الدينية الصينية التي طالما كانت مبهمة عند البعض منا. رواية “الأرض الطيبة” بها كل شيء عن كل أسرة في المجتمع، مما يجعل منها قصة لن تموت بمرور السنين.

وفي نهاية المقال: كنتم مع باقة من أبرز روايات الأدب الكلاسيكي التي ظلت خالدة، سواء بتدريسها كمواد في المدارس، أو بموضوعاتها التي ظلت تحمل وهجًا وحرارة حتى اليوم.