ديموقريطس

يعتبر ديموقريطس فيلسوف مشهور وعريق يحظى باحترام العلماء الحاليين والباحثين في صياغة النظرية الأولى للكون.

هو أحد أفضل الفلاسفة ما قبل سقراط، لقد تأثر بليكوبيس واقترح أفكاراً ثورية تتعارض مع التي قدمها فلاسفة سقراط مثل أفلاطون وأرسطو. ما ميّزه عن معاصريه أنه سافر منذ بداية حياته إلى مناطق مختلفة من العالم وتبادل الأفكار مع علماء من كل الأماكن التي زارها.وهذا ما يفسر عقلانيته وإنسانيته وحبه للحرية.

فُقد الكثير من أعماله، ونتيجة ذلك قد لا نكون على معرفة بعلمه بشكلٍ دقيق. كما وجد خلاف بالتمييز بين عمله وعمل معلمه ليوكيبوس، الذي أنكر وجوده إيبقور، وريث ديموقريطس. تعرف على السيرة الذاتية الإنجازات والحكم والأقوال وكل المعلومات التي تحتاجها عن ديموقريطس.

ولد في أولمبياد الثمانين( 457-460قبل الميلاد)، هناك التباس حول مسقط رأسه أيضاً؛ البعض يقول ولد في عبدرا في تراقيا، والآخرين في ميليا. وبشكل عام يعتقد أن والده كان من عائلة ثرية ونبيلة، حصل على عبده زيركسيس خلال الحرب الفارسية الثانية.

بعد وفاة والده قرر أن يكرس ثروته للمعرفة والحكمة، وشرع في رحلة إلى بلاد بعيدة، مثل مصر وبلاد فارس وإثيوبيا وأجزاء من آسيا، ويقال أنه وصل للهند.

وفقاً للمؤرخ اليوناني سيكولوس، إنه بقي في مصر خمس سنين، وذكر أنه أعجب بعلماء الرياضيات المصريين. بقي يواصل السفر إلى جميع أصقاع الأرض ليتعرف على ثقافاتها.

لم يتزوج ديمقريطس طوال حياته، كرس حياته لدراسة المذاهب الفلسفية المختلفة.

لدقة العديد من اكتشافاته الفلسفية، اعتبر"أب العلم الحديث". |يقال إن أفلاطون كره ديمقريطس كثيراً حتى أنه تمنى أن تحترق جميع كتبه. |يعتقد أنه كتب أكثر من سبعين كتاباً في الفلسفة الطبيعية.

يقال أنه عاش أكثر من مائة عام، ولكن وفقاً لديودوروس سيكولوس، توفي عن عمر يناهز التسعين عاماً، في عام 370 قبل الميلاد.

اهتم بالفلسفة الطبيعية، عاد إلى وطنه، أبديرا، بعد إنفاق ثروته، وأخذه أخوه داموسيس، من أجل تجنب عقوبة مفروضة على من يهدروا ثرواتهم بحرمانهم من طقوس الدفن، بدأ بإعطاء محاضرات للعامة لكسب استحسان الناس.

بفضل معرفته العميقة بالظواهر الطبيعية المتعددة، استطاع التنبؤ بالطقس بنجاح، لقد كان يحظى بتقدير كبير بين عامة الناس، كما اتبع حياة بسيطة متفرغاً لدراساته.

كان معروفاً بحبه للفكاهة، وأطلق عليه اسم فيلسوف الضحك، وحصل على لقب السخرية لقدرته على الضحك على حماقات البشر.

أبرز أعماله حول مفهوم الذرة، ووفقاً له الذرة هي مادة صلبة خاملة تتفاعل مع ذرات أخرى ميكانيكية، عبر روابط مادية متصلة بذرات مفردة، لقد استفاض بالشرح مع تلميذه إيبكوريس، أن المواد المختلفة لها ذرات مختلفة الشكل، كما أن هذه الذرات في حركة دائمة.

كانت نظرته لتطور الكون مبكرة، لقد علم أن هناك عوالم كثيرة تنمو باستمرار أو تتحلل، ويمكن تدميرها في التصادم بين عالمين.

أيضاً له دراسات تتعلق بعلم الجمال وينسب إليه نظريات عن الشعر والفنون الجميلة، له ستة من أعماله تتعلق بعلم الجمال باعتباره كان تخصصاً، ولكن لم يبقى الكثير منها إلا على شكل أجزاء.

لقد كان له أعماله في علم الرياضيات مثلOn Numbers و on Geometrics و  On TangenciesوOn Irrationals، من الواضح أنه كان رائداً بالهندسة والرياضيات، ولاحظ أن المخروط أو الهرم له ثلث حجم الأسطوانة أو الموشور على التوالي مع نفس القاعدة والارتفاع.

كما له معرفة بالأعشاب والنباتات والمعادن عن طريق التجربة، وسجل النتائج في عدد من كتبه. بعض أعماله اعتمد عليها الكثير من العلماء منها"عن طبيعة الإنسان" و " على الجسد" و " على الحواس" و " القضايا المتعلقة بالبذور والنباتات والفواكه" و " القضايا المتعلقة بالحيوانات".

وصف الإنسان القديم بأنه أقرب للحيوان لأنه يفتقر للغة، وبعد أن أجبر على تشكيل مجموعات للتصدي للحيوانات المفترسة، طوروا لغة وتعلموا أشياء مختلفة من خلال التجربة والخطأ.ميّز ديموقريطس نوعين من المعرفة. "شرعية "و"غير شرعية"، وقال أن إدراك الحقيقة من خلال الحواس "غير شرعي"، أما المعرفة المكتسبة من خلال الفكر "شرعية".

بالنسبة لآرائه حول الأخلاق والسياسة، يُقال أنه أيد الفكرة اليونانية القديمة للديمقراطية، وأن الأغنياء لابد أن يساعدوا الفقراء، ولكن من المهم معرفة أن فكرته عن المساواة لم تشمل النساء والعبيد، مع العلم أنه أكد أن الحرية أفضل من العبودية.

كان ضد كسب المال لتخزينه لذرية الفرد، وكان ضد العنف، لكنه يرى أن إعدام مجرم أو الحرب على العدو ضرورة.

ووفقاً له، يرى أن الصلاح والخير يحتاج للممارسة وانضباط، وليس من الضروري أن يكون من الطبيعة البشرية الفطرية. ويعتقد أن على الفرد أنيَقنع بما لديه، لأن الحسد يؤدي إلى سقوط المجتمع ولا يتقدم المجتمع إلا ككل.

أعجب كارل بوبر بفلسفته العقلانية حول تتطور الإنسان كحيوان اجتماعي، وأكد أن اللغات والعادات والقوانين من صنع البشر.