معلومات حول نهر السين
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
أحد أشهر أنهار العالم... سحر نهر السين (Seine River) مخيلة الشعوب على امتداد التاريخ. النهر المار عبر مدينة باريس يقسمها إلى ضفتين يمنى ويسرى (Rive Gauche وRive Droite). لقد مثّل هذا النهر لتاريخٍ طويلٍ مصدرَ إمدادٍ للحوض المار به، وعمل كممرٍ تجاريٍّ هام منذ أن استوطنت قبائل سلتية من صيادي السمك تُلقّب بالباريسي (Parisii) على ضفافه في القرن الثالث قبل الميلاد، وبالتحديد في الجزيرة المسماة اليوم جزيرة المدينة (Ile de la Cite). هذه المستعمرة الصغيرة تحولت فيما بعد إلى المدينة الضخمة التي نعرفها اليوم، ونهر السين طوال هذه المدة كان كالقلب النابض يغذي سكان المدينة والمناطق حولها.
منذ عام 1991، حصل نهر السين على اعتراف منظّمة اليونسكو (UNESCO) على قائمة التراث العالمي، مما يضمن الاعتراف به وحمايته كموقعٍ تراثيٍّ وطبيعيٍّ هام.
نبذة عامة عن النهر
- يعود أصل اسم النهر إلى الكلمة اللاتينية سيكوانا (Sequana)، والمعتقد أن الأصل يمكن تتبعه إلى الاسم الغالي الذي أطلقه السكان السلتيون الأوائل، إلا أنّ لا إجماع حول مصدر الاسم تاريخيًّا.
- يصل 37 جسرًا بين ضفتي النهر اليمنى واليسرى في باريس.
- يعد ميناء لو هافر (Le Havre) عند مصب نهر السين أحد أكبر موانئ فرنسا العالمية، كما أن النهر يمر عبر أكثر مناطق فرنسا غنًا وأهميةً وهي منطقة Ile-de-France.
- طول النهر من منبعه في برغاندي (Burgundy) حتى مصبه في القناة الإنكليزية في لو هافر 776 كيلومتر (482 ميل). .
جغرافيا نهر السين
ينبع نهر السين من جبل تاسيلوت (Mont Tasselot) في منطقة برغاندي على ارتفاع 471 مترًا عن سطح البحر، ومنه إلى شاتيلون (Châtillon)، ثمّ شامبان (Champagne)، ومن ثم روميلي (Romilly) حيث يرفده نهر أوب (Aube). عند مونتيرو (Montereau)، يرفد السين نهر يون (Yonne) من الضفة اليسرى. يعبر بعدها النهر خندقي مولن (Melun) وكورباي (Corbeil) متجهًا نحو باريس، حيث يرفده عند مدخلها نهر مارن (Marne) من اليمين، ليصل النهر إلى مصبه في القناة الإنكليزية، حيث يتسع مجراه لستة عشر ميلًا حتى يصب في لو هافر.
معدل الهطول على مدى الحوض معتدل بين 650 و750 مليمتر يتوزع بشكلٍ منتظمٍ على طول العام. الرافد الأكثر تأثيرًا على معدل جريان نهر السين هو اليون، إلا أن التفاوتات تبقى ضئيلةً، ويبقى جريان النهر منتظمًا تقريبًا طوال العام. الفيضانات نادرة الحدوث بشكلٍ كبيرٍ، وتحصل فقط في المواسم ذات معدلات هطول المطر غير المتوقعة. كذلك الأمر بالنسبة لحالات الجفاف، التي ينخفض وقتها ارتفاع النهر. معدل تدفق النهر الوسطي 10000 قدم مكعب في الثانية، وأعلى معدل تدفق للنهر تم تسجيله في فيضان عام 1910 قيمته 83000، وأدنى معدل في صيفي 1947 و1949 قيمته 700. .
معلومات تاريخية حول النهر
تم العثور على أدواتٍ حجريةٍ يعود تاريخها إلى 500000 سنةٍ مضت في منطقة شيليه (Chelles) من حوض نهر السين مما يشير على أن تاريخ هذا المكان يعود إلى زمنٍ بعيدٍ يسبق حتى التاريخ المسجل. في العام 1000 قبل الميلاد استقر الغاليون في المنطقة المحيطة ومن بينهم قبيلة باريسي كما ذكرنا آنفًا.
في عهد الإمبراطورية الرومانية، قام يوليوس قيصر (Julius Caesar) بدحر الغاليين وضم النهر وحوضه إلى الإمبراطورية، ليُطلَق عليه اسم سيكوانا (Sequana)، وقد ازدهرت التجارة على طول مجرى النهر خلال عهدهم إلى أن تمكن ملك الفرنجة (Franks) كلوفيس الأول (Clovis I) ـ إحدى القبائل الجرمانية ـ من هزيمتهم ومد سيطرته على مدينة باريس.
بقيت باريس تحت سيطرة الفرنسيين بعد ذلك، حيث توافد عليها عددٌ من الحكام أحد أبرزهم شارلمان (Charlemagne) الذي جعل من المنطقة جزءًا من مملكةٍ مهيبةٍ تمتد حدودها على كافة أصقاع أوروبا.
تمكن الإنكليز خلال العصور الوسطى من السيطرة على النورماندي، إلا أنهم فشلوا في احتلال باريس مع صعود بطلة العرش الفرنسي جان دارك (Joan of Arc) التي تمكنت من ردعهم، والتي أُلقي القبض عليها فيما بعد عام 1430 من قبل الإنكليز، وجرى إعدامها حرقًا بتهمة الهرطقة عام 1431، ورُمي رمادها في نهر السين أيضًا. عام 1821، أعلن نابليون بونابرت (Napoleon Bonaparte) أن نبع نهر السين يجب أن تعود ملكيته لباريس، وتمنى أن يُدفن رفاته على ضفاف السين، إلى أن الملك لويس الثامن عشر (Louis XVIII) لم يمنحه هذه الأمنية خوفًا من الشّحن السياسي الذي قد يسببه ذلك. .
نهر السين في يومنا هذا
يبقى نهر السين جزءًا لا يتجزأ من الهوية الباريسية، مصطفةً على جانبيه بمحلات بيع الكتب والمقاهي. يقال أن النهر يجري ما بين رفي كتب، بالإضافة إلى كونه جزءًا من التراث العالمي. النهر اليوم ملوّث بشدّةٍ، ولا يمكن شرب مائه أو السباحة به، إلا أن محافظ مدينة باريس يسعى لتغيير ذلك بحلول العام 2024 عن طريق برنامجٍ لتنظيف مياه النهر كلفته تقدر بحاولي المليار يورو. .