من هو الحطيئة - al-Ḥuṭayʾa
ما لا تعرفه عن الحطيئة
شاعرٌ عربيٌ مُخضرم، عُرِف بمتانة شعره وبذاءة ألفاظه، تنوّع شعره بين المدح والذم والهجاء.
السيرة الذاتية لـ الحطيئة
هو جرول بن أوس بن مالك بن جؤبة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس، وهو من فحول الشعراء في الجاهلية، أدرك الإسلام فأسلم ثم ارتد، وتقول بعض المصادر أنه مجهول النسب. تعددت أنواع شعره ما بين المديح والهجاء والفخر والذم.
وعُرف أنه سفيه فكان أغلب سادات العرب وأشرافها يخشون هجاءه. سُمي بالحطيئة لقصر قامته والبعض يقول لدمامته.
كان الحطيئة يدّعي انتمائه إلى عَمرو بن علقمة من بني الحارث بن سدوس، وكان نسبه متدافع بين قبائل العرب، حيث كان ينتمي لكل واحدة منها إن غضب على الآخرين.
بدايات الحطيئة
تضاربت الروايات حول نسب الحطيئة فالبعض يقول أنه جرول بن أوس بن مالك بن جؤبة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس، ومصادر أخرى تقول أنه مجهول النسب لأبيه، أما والدته معروفة باسم الضرّاء وقد ولدته عام 600.
تقول بعض الروايات أنه انتسب إلى أوس بن مالك العبسي، وأن والدته كانت جارية عند ابنة رياح بن عمرو بن ذهل، وقد حملت الضرّاء بالحطيئة من أوس بن مالك، فسألتها مولاتها عندما وضعت الضرّاء طفلها من أين هذا الصبي، فقالت لها من أخيكِ الأفقم، وذلك لدمامة المولود ودمامة الأفقم، وخشيت أن تقول لها من زوجك الأوس بن مالك، فقالت لها مولاتها صدقتِ.
وقد تولت ابنة رياح تربية الحُطيئة مع ولديها فيما بعد أعتقته وجعلته حرًا، عندها أعلمته والدته الضرّاء أن والده أوس بن مالك.
الحياة الشخصية ل الحطيئة
متزوج وله أولاد وكان يُقال له أبو مليكة نسبة لابنته.
حقائق عن الحطيئة
تميز الحطيئة بكل قصائده أنه متين الشعر شرود القافية.
أكثر ما اشتهر به الحطيئة الهجاء وبذاءة الألفاظ.
كان يُصنف من أبخل العرب.
أشهر أقوال الحطيئة
وفاة الحطيئة
لما حضرت الحطيئة الوفاة اجتمع إليه قومه فقالوا: يا أبا مُليكة أوصي، فقال: ويلٌ للشعر من راوية السوء، فقالوا أوصي رحمك الله يا حطيء، فقال من الذي يقول:
إذا أنبض الرامون عنها ترنمت ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز
فقال: أبلغوا غطفان أنه أشعر العرب، فقالوا: ويحك أهذه وصية أوصي ما ينفعك، فقال: أبلغوا أهل ضابٍ بن حارث البرجمي أنه شاعر- وهو شاعر من بني تميم.
فقالوا: ويحك أوصي ما ينفعك، فقال: أبلغوا أهل امرؤ القيس أنه أشعر العرب. وبقي على هذا المنوال، حتى سألوه ما تقول في عبيدك وإيماءك، فقال: هم عبيد قنٌّ ما عاقب الليل والنهار، فقالوا: فأوصي للفقراء بشيء، فقال أوصيهم بالإلحاح في المُساءلة فإنها تجارةٌ لا تبور. فقالوا: ما تقول في مالك، فرد: للأنثى من ولدي مثل حظ الذكر. قالوا له: ليس هكذا قضى الله عز وجل لهنّ، فقال لكني هكذا قضيت.
فقالوا: ما توصي لليتامى، فقال كلوا أموالهم، فقالوا له: فهل شيئًا تعهد فيه غير هذا، قال: نعم، تحملوني على أتانٍ -وهي دابة له- وتتركوني راكبها حتى أموت، فإن الكريم لا يموت على فراشه، والأتان مركب لم يمت عليه كريم قط.
فحملوه على أتان جيئة وذهابًا حتى مات في عام 678، وكان يقول قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة:
لا أحد ألأُم من حطية هجا بنيه وهجا المرية من لؤمه مات على فُرية، أي الدابة.
إنجازات الحطيئة
بعد أن أعتقت ابنة رياح أم الحُطيئة وتوفي أوس بن مالك، اعترفت الضرّاء للحطيئة أن والده أوس بن مالك، فطالب الحطيئة أخويه بالميراث، فرفضا ذلك وطلبا منه أن يقيم معهما، فرفض وسأل والدته من أبوه فلم تجبه جوابًا أقنعه، فغضب عليها ولحق بأخوته من بني الأفقم، وسألهم ميراثه من الأفقم، لكن أخوته منعوه من ذلك ولم يعطوه إلا عدة نخلات من نخل أبيهم، وسُميت نخلات أم مُليكة.
لكن الحطيئة لم يقتنع بذلك وطالبهم بميراثه كاملًا من الأفقم، فصدّوه وضربوه فغضب عليهم وهجاهم بأبيات شعر:
تمنيت بكرًا أن يكونوا عِمَارتي وقومي وبكر شر تلك القبائل
إذا قلتُ بكريٌّ نَبَوتُم بحاجتي فياليتني من غير بكرِ بنِ وائلِ
ثم عاد إلى بني عبس وانتسب من جديد إلى أوس بن مالك، عندما تزوجت أمه من رجل يدعى الكلب بن كنهس بن جابر بن قطن بن نهشل فهجاه الحطيئة وهجا أمه بقصيدة مطلعها:
ولقد رأيتكِ في النساء فسؤتني وأبا بنيكِ فساءني في المجلس
إن الذليل لمن تزور ركابه رهط ابن جحشٍ في الخطوب الحُوّس
كان الحطيئة جشعًا دنيء النفس كثير الشر وعُرف عنه البخل، كما أنه بذيء الهجاء، ذات يومٍ التمس إنسانًا يهجوه فلم يجده وضاق عليه ذلك، فأنشأ يقول:
أبت شفتاي اليوم إلا تُكلما بشرًا فلا أدري لمن أنا قائل
ظل يردد هذا البيت ولا يرى إنسانًا حتى وجد حوض ماءٍ فرأى وجهه، فقال:
أرى لي وجهًا شوه الله خلقه فقبح من وجهٍ وقُبح حامله
قال الحطيئة بيت شعرٍ لم يقل شعراء العرب أصدق من هذا البيت:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ولا يذهب العُرف بين الله والناس
عُرف عنه إذا نزل في مكان أو أرض قبيلة، تسابق رجالها لاستقباله والاحتفال به خوفًا من سلاطة لسانه وبذاءة شعره، حتى أن بعض الروايات تقول أنه عندما قدم إلى المدينة رصدت له قريش العطايا، وكان الناس حينها في سنة مجدبة، ومشى أشراف أهل المدينة بعضهم إلى بعض قائلين "قد قدم علينا هذا الرجل وهو شاعر، والشاعر يُظن فيحقق فمن أعطاه جهد نفسه بهرها، ومن حرمه هجاها". وقد جمع له أهل المدينة حوالي أربعمائة دينارٍ ليسلموا من لسانه.
وقد وقعت حادثة للحطيئة في الإسلام مع الزبرقان بن بدر بن امرؤ القيس بن تميم، الذي عينه الرسول (ص) ليجمع الصدقات وقد أقره أبو بكر الصديق بذلك ومن بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فشكى الزبرقان التميمي لعمر بن الخطاب عندما هجاه الحطيئة، فسأله عُمر ما قال بكَ، فرد عليه قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فأنت الطاعم الكاسي
استغرب عمر بن الخطاب وقال ما أرى فيه هجاءً، ودعا حسان بن ثابت شاعر النبي سائلًا إياه أتراه هجاءً، فردَّ حسان نعم إنه هجاء، فحبس بن الخطاب الحُطيئة، وبدأ الأخير باستعطاف خليفة المسلمين مرسلًا له بعض الأبيات يقول فيها:
ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
إلا أن الخليفة لم يُطلق سراحه حتى أرسل له الحطيئة قصيدة مطلعها يقول:
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمةٍ فاغفر عليكَ سلام الله يا عمر
حتى نهاية القصيدة:
نفسي فداؤك كم بيني وبينهم من عَرْضِ واديةٍ يعمى بها الخبرُ
فرقَّ عمر بن الخطاب لحال الحُطيئة وأطلق سراحه، بشرط ألا يهجي أحدًا، وأعطاه ثلاثة آلاف درهم كي يكفَّ عن أعراض المسلمين، قاطعًا عليه عهدًا ألا يعود لهجاء أحد.
يُعتبر الحطيئة من أوائل الشعراء العرب الذين ألّفوا القصة وصاغوها على شكل قصيدة، وقصيدته الشهيرة "قصة كرم"، التي تعتبر سابقة لعصرها ضمن هذا اللون من الشعر العربي، ويقول مطلعها:
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما
يسلط الضوء في هذه القصيدة على مجموعة أشخاص يعيشون في بيئة قاحلة فقيرة يعانون ما يعانوه من فقرٍ مدقع، ويصوّر قدوم الضيف لهذه العائلة المكونة من أب وأم وولد، وفي القصيدة يطلب الابن من والده أن يذبحه ويقدمه طعامًا للضيف، ثم ينتقل الحطيئة ليصور رحلة الأب حاملًا قوسًا لاصطياد ما يمكن صيده ويقدمه للضيف. ما يميز هذه القصيدة أنها مكونة من بداية وحبكة ونهاية كما القصة تمامًا.
فيديوهات ووثائقيات عن الحطيئة
آخر تحديث