تريند 🔥

📱هواتف

نعاس للكاتب هاروكي موراكامي: ما جدوى الحياة حقًا حينما نحياها بتلك الرتابة!

نعاس
مي رفعت
مي رفعت

5 د

تخيل معي عزيزي القارئ أنك تُعاني من ألمٍ ما بمعدتك أو صداعٍ برأسك، يجعلك لا تنعم بنومٍ مريحٍ وتستيقظ في أوقاتٍ مُتفرقةٍ من الليل. فتتحول حياتك الهادئة إلى كابوسٍ تعجز عن التملص منه، عندها ستشعر بالإرهاق والألم الشديد في كل جزء من جسدك -علاوة على تعبك الأساسي- كرد فعل طبيعي لقلة النوم والراحة، وكأنك كنت تقوم بعملٍ شاقٍ أو تعرضت لضربٍ مُبرح. فماذا ستفعل؟ في رواية نعاس (بالإنجليزية: Sleep) للكاتب الياباني هاروكي موراكامي Haruki Murakami، يأخذنا موراكامي في إحدى روايات الفانتازيا؛ لنرى رحلة بطلتنا مع النعاس والأرق، وكيف ستتغلب على رتابة حياتها؟

اقرأ أيضًا:


نعاس وسبع عشرة ليلة دون نوم

غلاف رواية نعاس

بطاقة معلومات سريعة عن الكتاب:

  • اسم المؤلف: هاروكي موراكامي
  • تصنيف الكتاب: أدب، قصة قصيرة
  • تاريخ النشر الأول: 1987
  • لغة النشر الأصلية اليابانية
  • دار نشر الطبعة المترجمة: مسكيلياني للنشر والتوزيع
  • اسم المترجم: رمزي بن رحومة
  • عدد الصفحات: 88 صفحة
  • تقييم جودريدز: 3.54

ها قد انقضتْ سبعُ عشرة ليلة ولم أنمْ بعد!

بهذه الجملة يستهل الكاتب الياباني هاروكي موراكامي رواية نعاس حيث يتحدث بلسان البطلة واصفًا شعورها. بطلتنا امرأة يابانية في العقد الثالث من عمرها، أمٌ لابنٍ وحيد وزوجةٌ لطبيب أسنان. تحيا حياة رتيبة ومملة على نفس المنوالِ اليوميّ، يتشابه فيها اليوم مع الأمس دون جديد يُذكر. يبدأ يومها برتمه المُعتاد من الاستيقاظ باكرًا، ومن ثم تأدية مهام المنزل والذهاب لشراء احتياجات المنزل، ثم تمرين السباحة والنوم والاستيقاظ مُجددًا وكأنها تدور في حلقة مفرغة، أو كأنها ترسٌ في آلة.

حتى تُراودها أحلام اليقظة ذات ليلة، ويهرب النوم من عينيها، ومن هنا تبدأ مُعاناتها مع الأرق والنعاس البغيض الذي لا يليه نوم.

اقرأ أيضًا:


انطلاقة جديدة وهروب من حياة الرتابة

نعاس

وعلى عكس المتوقع، تحكي لنا البطلة أنه رغم النوع الخاص من النعاس والأرق الذي أصابها، إلا أنها لم تجدْ في الأمر أي معاناة تُذكر، ولكنها وجدت حياة أخرى جديدة بعيدة عن الرتابة تستحق أنْ تُعاش.

في البداية تحكي لنا عن فترة شبابها وعن الحالة المشابهة التي مرت بها والنوم المتقطع والأرق الذي أصابها خلال فترة الجامعة، وما انتابها بعده من تعب وإجهاد جسدي، ولكنها تخلصت منه بعد قرابة شهر. ولكن هذه المرة الأمر مختلفٌ تمامًا، فرغم انقطاع النوم لمدة سبع عشرة ليلة؛ إلا أنها لم تعاني من أي تعب أو ألم جسدي. فعلى عكس المتوقع، طوال تلك المدة كان عقلها في حالة وعي ويقظة تامة، وجسدها في حالته الطبيعية النشطة، وتقوم بمهامها المعتادة بشكلٍ أمثلٍ وعلى أكمل وجه.

ثم تحكي عن تغير نظرتها لزوجها ففي البدء كانت تراه جميلًا، ولكن عندما كانت تتأمله وهو نائم أثناء فترة أرقها أصبحت تنفر منه، فتتعجب من حالها وأنها لم تشكُ يومًا من حياتها الزوجية. حتى عندما كانت تنظر لابنها كانت تشعر بالضيق لكونه يشبه أباه في طباعه. ورغم أن معاملة زوجها لها مثالية، وزواجهما يعتبر مثاليًا في نظر المجتمع؛ إلا أنها لم تجد تفسيرًا للمشاعر التي تنتابها ولحالتها الغريبة تلك.

تنطلق بطلتنا بعيدًا عن رتابة حياتها الزوجية، وتعيد اكتشاف نفسها من جديد، حيث تكتشف حياة جديدة خاصة بها وحدها. تعود من جديد لهوايتها ونهمها الشديد للقراءة التي كانت رفيقتها في طفولتها وشبابها، وقد تركتها البطلة مع ازدياد مسؤولياتها الأسرية. فيلازمها أثناء السبع عشرة ليلة رواية “آنا كارنينا” للكاتب الروسي تولستوي. كما تعود لعادة أكل الشوكلاته والحلوى والتي كان قد منعها زوجها عن تناولها بحكمه طبيب أسنان.

يقول موراكامي على لسان البطلة:


كلّ ما كنتُ أُريده أنْ يتركوني أحيّا بسلامٍ في ركني أقرأ روايتي.

تتخلص بطلتنا من حياة التعاسة الأشبه بحياة الآلة التي كانت تعيشها، حيث تقضي مهامها بالمنزل سريعًا، وتقضي وقتًا قصيرًا في تمرين السباحة، وتدريجيًا لم تعد تذهب للتمرين. أصبحت تقوم بعمل أشياء لم تقمْ بها من قبل، فأصبحت تشرب الخمر، وتجوب الشوارع بسيارتها ليلًا بعد أن ينام زوجها وابنها.

بشكل غير متوقع تنتهي الرواية ويتركنا موراكامي أمام نهاية مفتوحة، في مُحاكاة لرواية “آنا كارنينا” ولكن بطلتنا لم تنتحر كبطلة رواية “آنا كارنينا”، ولكنها أثناء تجوالها ليلًا في وقت متأخر وأثناء مكوثها بسيارتها يهاجهما شخصان، لتنتهي الرواية وهي في ذروة الغموض والتشويق، فلا ندري ما هو مصير بطلتنا؟


تحليل رواية نعاس عبر عيون موراكامي

رواية نعاس للكاتب هاروكي موراكامي

يأخُذنا الكاتب الياباني هاروكي موراكامي في رواية نعاس إلى إحدى أفكاره المجنونة التي تجمع بين الواقع والخيال، حيث أنه في أقل من مائة صفحة استطاع أن يجمع كمًا كبيرًا من الأفكار والأحداث والمشاعر المتناقضة ليقدمها من خلال هذا العمل المكثف. فما إن تبدأ بقراءة الرواية عزيزي القارئ؛ فلن تستطيع تركها حتى تَتملكُك الرغبة -من خلال أفكارها وأحداثها المتسارعة- في الوصول إلى النهاية التي أصابتني شخصيًا بنوبةٍ من الجُنون مع الضحك الهيستري.

استخدام موراكامي لضمير المتكلم -وليس الغائب- ليحكي روايته على لسانِ البطلة وكأنه واحدٌ من جنسها، كل هذا ليُقرب وصف المشاعر بأدق صورة ممكنة. فرغم بساطة الحبكة والأحداث، لا نستطيع أن نغفل قدرة موراكامي على وصف المشاعر والهواجس التي انتابت البطلة بمنتهى الدقة والعظمة.

رغم أن الاحداث تدور حول عنوان الرواية عن النعاس والأرق ورتابة الحياة، إلا أن العنصر الأساسي بين السطور هو الخوف الذي ينتاب البطلة طوال الأحداث ويظهر لها في صورة شبح أثناء السبع عشرة ليلة.

وصف الموت على أنه الجزء المظلم من الحياة كان من أكثر الأفكار جنونًا ورعبًا، نظرًا لأنه يتشابه مع فكرة بعض الناس الذين يخافون النوم خشية ألا يستيقظوا. ولكن على عكس بطلتنا كانت تخاف النوم رغبةً في حياة جديدة تحياها بمفردها.

يقول موراكامي على لسان البطلة:


إذا لم يكنْ الموتُ مُرادفًا للراحة، فأين هو الخلاصُ المُنتظر من هذه الحياةِ المُرهقة المليئة بالعيوبِ؟

نأتي للنهاية المفتوحة ومشهد النهاية، حيث تجلس في سيارتها ليلًا ويطاردها شبح شخصين. استخدم هنا موراكامي الرمزية، لأن الشخصين هنا ربما يكونا الخوف من النوم وحياتها الرتيبة.

ذو صلة

وفي النهاية، أستطيع القول إنه علميًا وبيولوجيًا لا يستطيع الإنسان الصمود كل هذه المدة بدون نوم، أجهزته ستبدأ بالانهيار فورًا واحدًا تلو الآخر. ولكن الفكرة هنا مجنونة مرعبة، تأخذنا إلى ما هو أبعد، وهو كيف لحياتنا أن تصبح بمثل هذا الروتين الملل لدرجة حفظ خطواتها وأدائها بشكل مُبرمج كالآلة دون أي شعور!

وأخيرًا، رواية نعاس للكاتب الياباني هاروكي موراكامي رغم قصرها إلا أنها عمل استثنائي ينصح به، ومدخل رائع إلى عالم موراكامي العجيب.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة